فضيلة الشَّيخ، لقد حدثت مشكلةٌ ما بين أبي: ووالد زوجة أخي، قام أبي على أَثَرها بوصيتنا بعدم زيارة بيت والد زوجة أخي، على ألا نمنع الزَّوجة من زيارة أهلها. وبعد يومٍ من المشلكة تُوُفِّي أبي، ونحن ما زلنا نُحافظ على ما أوصى به، حيث إن ما بيننا وما بين والد زوجة أخي السَّلام فقط، ولا نزوره ولا يزورنا، فقط يقوم بزيارة ابنته وابنتُه تزوره.
أرجو من فضيلتكم توضيح: هل ما نعمله يُعَدُّ تدابرًا أم لا؟ وهل يُمكننا عدمُ زيارته؟ حيث إننا حيث نخاف من المشاكل إذا عدنا لزيارته. أفتونا جزاكم اللهُ خيرًا وبارك اللهُ فيكم.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن إنفاذَ الوصايا مشروطٌ بألا تتضمَّن إثمًا أو قطيعةَ رحمٍ(1)، وقد أحسن والدُكم: صنعًا عندما أوصى بألا تُمنع زوجة أخيكم من بِرِّ أهلها والتَّواصل معهم، ولكن يبقى اجتهاده في منعكم من زيارة والد زوجة أخيكم موضع تأمُّل؛ فإن ثبت أن هذه الخلطة تُؤدِّي إلى مفاسدَ راجحةٍ غالبة وكان استصلاحُ الأحوال لا يتأتَّى إلا بقدرٍ من العزلة لا يصل إلى حدِّ الهجر الممنوع شرعًا- فلا يظهر لي حرجٌ في ذلك، أمَّا إذا أمكن استصلاحُ الأحوال وعودة الأمور إلى مجاريها فلعل هذا أرضى لله وأعبدُ له، ولا تَمْنعكم وصيَّة أبيكم من هذا الخير إن امتُهد سبيلٌ إلى تحقيقه. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

___________________

(1) ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «الدعوات» باب «يستجاب للعبد ما لم يعجل» حديث (6340)، ومسلم في كتاب «الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار» باب «بيان أنه يستجاب للداعي ما لم يعجل فيقول دعوت فلم يستجب لي» حديث (2735) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي ﷺ أنه قال: «لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ».