بين تبادل كِليَتَيْن بين أهل مريضين أو قبول كلية متبرع(1)

ابني عمره خمس سنوات؛ ابتلاه الله بمشكلة في المسالك البولية أدت إلى ارتجاع البول على كليتيه منذ أن كان في بطن أمه، ولم يتم اكتشاف ذلك في مصر إلا من سنتين، وبعد زيارة عشرات الأطباء والمستشفيات ومئات التحاليل والأشعات.
ولأخطاء الأطباء في مصر انتقلنا لعلاجه هنا في الولايات المتحدة الأمريكية بولاية «مينسوتا»، وطلبت منا المستشفى مبلغًا ضخمًا (ربع مليون دولار)، وشاء الله في رمضان أن تحدث المعجزة الأولى ويتم تجميع مبلغ العملية، وبدأنا بعد ذلك في عملية اختيار المتبرع، والده أنا فصيلة دمي A+، ووالدته O، والطفل O، لكن المستشفى رفضت تمامًا تقييم والدته لأنها من الناحية الصحية لا تصلح، رغم أنها نفس فصيلة دمه، وبالنسبة لي عرضوا عليَّ أن أتبرع لمريض آخر بكلية، وأحد أقارب هذا المريض يتبرع لابني بكلية، بعد عمل الفحوصات اللازمة شاء الله أن تتقدم أختان فاضلتان كريمتان تحملان نفس فصيلة الدم بعرض: أنهما تريدان التبرع له، شرط أن يكون ذلك حلالًا شرعًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فلا حرج فيما ذكرت إذا تمَّ ذلك بضوابطه الشرعية، بل هو إغاثة كريمة حضت عليها الشرائعُ السماوية؛ لما تتضمنه من الإسهام في إحياء نفس بشرية، وقد قال تعالى:{وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: 32].
وقد صدر قرارُ مجلس المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي المنعقد في مكة المكرمة (ربيع الآخر 1405هـ) بشأن زراعة الأعضاء،ونصَّ على هذا الذي ذكرته لك، وفصَّل القول في الشروط التي يتعيَّن مراعاتُها، وها أنذا أنقلُه لك بنصه تتميًا للفائدة، ومنه يعلم الجواب:
أولًا: إن أخذَ عضو من جسم إنسانٍ حيٍّ وزرعَه في جسم إنسانٍ آخر مضطرٍّ إليه لإنقاذ حياته، أو لاستعادةِ وظيفة من وظائف أعضائِه الأساسية- هو عملٌ جائز لا يتنافى مع الكرامة الإنسانية بالنسبة للمأخوذ منه، كما أن فيه مصلحةً كبيرةً وإعانةً خيِّرةً للمزروع فيه، وهو عمل مشروع وحميد إذا توافرت فيه الشرائط التالية:
1- أن لا يَضرَّ أخذُ العضو من المتبرِّع ضررًا يخلُّ بحياته العادية؛ لأن القاعدة الشرعية أن الضررَ لا يزال بضررٍ مثله، ولا بأشدَّ منه، ولأنَّ التبرع حينئذ يكون من قبيل الإلقاء بالنفس إلى التهلكة، وهو أمرُ غير جائز شرعًا.
2- أن يكون إعطاءُ العضو طوعًا من المتبرع دون إكراهٍ.
3- أن يكون زرعُ العضو هو الوسيلةَ الطبيَّةَ الوحيدةَ الممكنة لمعالجة المريض المضطر.
4- أن يكون نجاحُ كلٍّ من عمليتي النزع والزرع محققًا في العادة أو غالبًا.
والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   06 قضايا فقهية معاصرة, 13 الجنايات

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend