نشكركم للرد السريع على السؤال الذي أرسلته إليكم بشأن إسقاط الجنين، ولكن عندي استفسار عن القيد الذي ذكرتموه أن المدة لا تتجاوز الأربعين يومًا الأولى؛ حيث إن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي المنعقد بمكة حدد المدة بمائة وعشرين يومًا، فما هو الفرق بين المدتين؟ وما هو الضابط في المسألة؟ وجزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فلقد كان قرار المجمع الفقهي بالترخُّص في الإجهاض إذا لم يبلغ الجنين أربعة أشهر بناء على القول بأن الجنين لا يكتمل تخلقه ولا تنفخ فيه الروح إلا بمضي هذه المدة، ولكن تطور المعارف الطبية أضاف جديدًا في هذا الباب، فالجنين يبدأ تخلقه بعد مضي ستة أسابيع، فهذه حقيقة علمية وهي موافقة لحقيقة شرعية كذلك، لما صح عن حُذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إِذَا مَرَّ بِالنُّطْفَةِ ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً بَعَثَ اللهُ إِلَيْهَا مَلَكًا فَصَوَّرَهَا وَخَلَقَ سَمْعَهَا وَبَصَرَهَا وَجِلْدَهَا وَلَـحْمَهَا وَعِظَامَهَا، ثُمَّ قَالَ: يَا رَبِّ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؟ فَيَقْضِي رَبُّكَ مَا شَاءَ وَيَكْتُبُ الْـمَلَكُ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ أَجَلُهُ؟ فَيَقُولُ رَبُّكَ مَا شَاءَ وَيَكْتُبُ الْـمَلَكُ. ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ رِزْقُهُ؟ فَيَقْضِي رَبُّكَ مَا شَاءَ وَيَكْتُبُ الْـمَلَكُ. ثُمَّ يَخْرُجُ الْـمَلَكُ بِالصَّحِيفَةِ فِي يَدِهِ فَلَا يَزِيدُ عَلَى مَا أُمِرَ وَلَا يَنْقُصُ»(1).
وبناء على ذلك فإن نفح الروح فيه محتمل قبل مضي أربعة أشهر، فمن أجل هذا كان الترخُّص في المدة الأولى قبل تخلق الجنين وتصويره، والاحتياط فيما وراء ذلك، هذا هو ما عندي يا بنيَّ، ويمكنك أن ترجع إلى آخرين. والله تعالى أعلى وأعلم.
____________________
(1) أخرجه مسلم في كتاب «القدر» باب «كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته» حديث (2645).