سمعت أنه يجوز في الوضوء غسل الأطراف من مرة إلى ثلاث مرات. مثلًا المضمضة مرة واحدة أو اثنتين أو ثلاث وكذا غسل الوجه، الذراعين. هل هذا صحيح؟ ولي سؤال آخر: هل الخشوع مشروط فيه البكاء؟ أي أن المؤمن إن لم يبك لم يكن متخشعًا؟ جزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الفريضة تتحقَّق بغسل أعضاء الوضوء مرة مرة، وما زاد على ذلك فهو مندوب إليه ولكنه ليس بشرط في صحة الوضوء.
وللخشوع مظاهر كثيرة مِن أَبْيَنها البكاء، وقد وصف الله المؤمنين بقوله: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ﴾ [المائدة: 83].
ومنها وَجَل القلب، كما قال تعالى: ﴿الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ [الأنفال: 2].
ومنها اقشعرار الجلود ولِين الجلود والقلوب، كما قال تعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الزمر: 23]
وأسرع هذه المظاهر إلى النفس هو البكاء، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ الله، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ الله»(1).
أسأل الله أن يرزقنا وإياك قلوبًا تخشع إذا ذُكر الله، وعيونًا تفيض من الدمع إذا استمعت إلى آيات الله. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
_________________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب «فضائل الجهاد» باب «ما جاء في فضل الحرس في سبيل الله» حديث (1639) من حديث ابن عباس ب، وقال الترمذي: «حديث ابن عباس حديث حسن غريب».