وَلَدت منذ شهرين، وبعد انقضاء مدة النفاس أربعين يومًا اغتسلت وطهرت، وبعد عشرة أيام نزلت مني قطرات دم لمدة أربعة أيام، حَسِبْتُ أنها الدورة الشهرية، بعدها اغتسلت وطهرت، ثم بعد أسبوع نزلت مني قطرات الدم مرة أخرى. ما الحكم الشرعي؟
ولدي سؤال آخر سيدي الإمام: هل عندما أغير حفاظة طفلتي ينقض وضوئي؟ بارك الله في فضيلتكم ونفع بعلمكم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فننصحك أولًا بمراجعة طبيبة لأمراض النساء لكي تساعدك في تشخيص هذه الحالة؛ لأن نزول الدم في غير موعده قد يكون لأسباب طبية لا علاقة لها بالدورة الشهرية، وإذا كان ذلك كذلك فهو دم علة وفساد لا يمنع من الصلاة بعد التطهر لوقت كل صلاة، أما إن كان دمَ حيضٍ ويُعرف ذلك بلونه أو برائحته أو بالرجوع إلى المتخصصين، فهو الذي يوجب الانقطاع عن الصوم والصلاة ومس المصحف ونحوه، إلى أن ينتهي فيكون الاغتسال وقضاء الصوم دون الصلاة.
أما تغيير حفاظة الطفل فإنه ينقض الوضوء عند بعض أهل العلم إذا وقع أثناء ذلك لمسٌ مباشر لفرجه بباطن الكف؛ لحديث النسائي عن بسرة بنت صفوان ل: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا أَفْضَى أَحَدُكُمْ بِيَدِهِ إِلَى فَرْجِهِ فَلْيَتَوَضَّأْ»(1).
يقول الخطيب الشربيني : في «مغني المحتاج»: «الإفضاء لغة: المسُّ ببطن الكف. فثبت النقض في فرج نفسه بالنص، فيكون في فرج غيره أولى؛ لأنه أفحش؛ لهتك حرمة غيره»(2).
والذي نراه أن الطفل الذي لم يبلغ سنتين لا حكم لعورته، فلا يترتب على لمسها نقض للوضوء؛ لأن هذا مما تعمُّ به البلوى، ولو كان ناقضًا للوضوء لجاء النص الصريح في ذلك؛ ولأن مبنى الشريعة على رفع الحرج، والحرج في مثل ذلك ظاهر.
وأما إذا لم يقع مس الفرج مباشرة بباطن الكف أثناء تغيير الحفاظة، كما لو استعملت الأم أو الحاضنة قفازين أثناء الغيار والتنظيف، أو لو كان بواسطة استعمال المناديل، فلا ينتقض الوضوء حينئذ. والله تعالى أعلى وأعلم.
________________
(1) أخرجه ابن حبان في «صحيحه» (3/401) حديث (1118)، وابن عبد البر في «التمهيد» (17/195) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، وقال ابن عبد البر: «قال ابن السكن: هذا الحديث من أجود ما روي في هذا الباب».
(2) «مغني المحتاج» (1/35).