ما حكم استخدام جهاز غسل القدمين لكبار السن في الوضوء؟ مع العلم أنه يرش ماء يغطي حتى فوق الكعبين ولكن من دون تدليك للقدم. وإذا كان تدليكُ القدم باليدين متعذِّر لكبير السن فهل يصح الوضوء برش الماء على الرجلين سواء من الصنبور أو من الجهاز؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن المقصود هو إيصالُ الماء إلى أعضاء الوضوء، والدَّلْكُ مما يُعين على ذلك، وجمهور الفقهاء الحنفية(1) والشافعية(2) والحنابلة(3) وقول عند المالكية(4) على أن الدَّلك سُنَّة من سنن الوضوء وليس من فرائضه. وذهب المالكية في المشهور عندهم إلى أنه فرض من فرائض الوضوء.
قال الحطاب من فقهاء المالكية: ((وقد اختلف في الدَّلك؛ هل هو واجب أو لا. على ثلاثة أقوال:
المشهور الوجوب. وهو قول مالك في «المدونة» بناءً على أنه شرطٌ في حصول مسمى الغسل، قال ابن يونس: لقوله عليه الصلاة والسلام لعائشة رضي الله عنها: «وَادْلُكِي جَسَدَكِ بِيَدِكِ». والأمر على الوجوب، ولأن علته إيصالُ الماء إلى جسده على وجهٍ يسمى غسلًا. وقد فرَّق أهل اللغة بين الغسل والانغماس.
والثاني: نفيُ وجوبه. وهو لابن عبد الحكم بناءً على صدق اسم الغَسْلِ بدونه.
والثالث: أنه واجبٌ لا لنفسه، بل لتحقُّقِ إيصال الماء. فمن تحقَّق إيصالَ الماء لطُول مُكثٍ أجزأه. وعزاه اللخمي لأبي الفرج، وذكر ابن ناجي أن ابن رشد عزاه له))(5). فالوضوء على النحو الذي ذكرت صحيح عند الجمهور، والله تعالى أعلى وأعلم.
___________________________
(1) جاء في «تحفة الفقهاء» (1/14): «وأما آداب الوضوء فكثيرة … نحو إدخال الإصبع المبلولة في صماخ الأذنين وكيفية مسح الرأس وكيفية إدخال اليد في الماء والإناء والدلك في غسل أعضاء الوضوء والغسل».
(2) جاء في «فتح الوهاب سرح منهج الطلاب» (1/17): «و (سن تثليث) لغسل ومسح وتخليل ودلك وذكر كتسمية وتشهد للاتباع في الجميع».
(3) جاء في «الإقناع» (1/31): «وجملة سنن الوضوء استقبال القبلة والسواك وغسل الكفين ثلاثا لغير قائم من نوم ليل والبداءة قبل غسل الوجه بالمضمضة ثم الاستنشاق والمبالغة فيهما لغير صائم وفي سائر الأعضاء لصائم وغيره».
(4) جاء في «مواهب الجليل شرح مختصر خليل» (1/182): «وأما فرائض الوضوء فاختلف أهل المذهب في عددها فعدها ابن شاس وابن الحاجب وغيرهما ستة: الأعضاء الأربعة المذكورة في الآية الشريفة، والنية، والموالاة. ويعبر عنها بالفور وجعلوا الدلك راجعا للغسل، وعدها ابن يونس وابن بشير وغيرهما سبعة: الستة المذكورة، والماء المطلق. وعدها ابن رشد ثمانية: السبعة المذكورة، والترتيب. وعدها غيره ثمانية أيضا لكنه جعل بدل الترتيب الجسد الطاهر، واقتصر صاحب الطراز على عد الأعضاء الأربعة قال: وأما النية فنعتها بالشرطية أظهر من نعتها بالفرضية. وكأنه رأى أن الدلك والموالاة يرجعان إلى صفة الغسل، وعدها المصنف سبعة: الأعضاء الأربعة، والنية والدلك، والموالاة».
(5) «مواهب الجليل» (1/218-223).