هل أستطيع غسل جسدي دون شعري بعد الجماع، وذلك أن شعري طويل وأقوم بتجفيفه وتصفيفه ويأخذ وقتًا طويلًا، ومن الصَّعب والضرر أن أقوم بغسله في كل يوم مما يجعلني لا أغتسل سريعًا، أو أن زوجي يخشى عليَّ فيمنع نفسه عني؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الغسل المجزئ هو تعميم الجسد بالماء، بما في ذلك الشعر، طال أم قصر، وما يُبذل من وقت أو من مال أو من جهد في تصفيفه وتجفيفه لا يصلح مُسوِّغًا لعدم الغسل، أو لاستثنائه من الغسل، والذي ورد التخفيف فيه بالنِّسْبة للمرأة في غسل الجنابة هو نقض ضفائر الشعر فلا يلزم المرأة ذلك.
فقد روى مسلم عن أم سلمة قالت: قلت: يا رسول الله، إني امرأة أشدُّ ضَفرَ رأسي فأنقُضه لغُسلِ الجنابة. قال: «لَا؛ إِنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِي عَلَى رَأْسِكِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَيْكِ الْـمَاءَ فَتَطْهُرِينَ»(1).
وزاد التِّرمذي في «سننه»: قال أبو عيسى: «هذا حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أهل العلم؛ أن المرأة إذا اغتسلت من الجنابة فلم تنقض شعرها أن ذلك يجزئها بعد أن تُفيض الماء على رأسها»(2). انتهى.
فرسول الله صلى الله عليه وسلم رخَّص لأم سلمة وغيرها من النِّساء في عدم نقض الشعر أثناء الغسل من الجنابة، لكن أمرها بغسله ثلاث مرات حتى تستوعبه بالماء كله بما في ذلك أصول الشعر، فالحديث ليس فيه استثناء للشعر، وإنما فيه التخفيف من نقض الضفائر، فاصبري يا أمة الله على أمر الله، وأرجو أن تجدي حلاوة هذه الطاعة رضًا في قلبك، وسكينة في نفسك، وانشراحًا في صدرك وحسنًا في علاقتك بزوجك إن شاء الله. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
_____________
(1) أخرجه مسلم في كتاب «الحيض» باب «حكم ضفائر المغتسلة» حديث (330)
(2) الترمذي في كتاب «الطهارة» باب «هل تنقض المرأة شعرها عند الغسل» حديث (105).