منع الوالدين ابنهما من الاعتكاف
السؤال:
إذا منع الوالدين ابنهما من الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان، هل عليهم إثم ؟
وحجتهم هي الخوف عليه من التطرف في الدين والتشدد؟ وهل إذا قال لهما الابن: سوف تأثمان لمنعي من الاعتكاف.
تألَّى على الله؟ وشكرًا.
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فلا ينبغي للآباء أن يمنعوا أبناءهم من الاعتكاف لمجرد التوهم، وينبغي أن يفرحوا بتعلق أبنائهم بالصلاح والاستقامة،
وقد منَّ الله على الأمة بهذه الأجواء الجديدة التي يتمكن فيها أهلُ الدين من البلاغ آمنين،
وأن يجهروا فيها بدعوتهم وهم مطمئنون، لا يتعرضون إلى ما كانوا يتعرضون له فيما مضى من مطاردات وملاحقات.
فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والعلم لا يهلك حتى يكون سرًّا، فالسرية هي التربة التي ينمو فيها الغلوُّ،
وقد مضى هذا الزمان، وأرجو ألا يعود إن شاء الله.
ونصيحتي للأبناء أن يأتمروا في ذلك بينهم وبين آبائهم بالمعروف،
وأن يقدِّروا أن بعض الآباء لا يزالون يعيشون توجسات الماضي وتخوفاته،
ويحتاجون إلى فترة ليستوعبوا فيها هذه الأوضاع الجديدة، وأن يدركوا أن الاعتكاف سنة، وأن برَّ الآباء فريضة،
وأن الله لا يقبل نافلةً حتى تُؤدَّى الفريضة.
وليس من المناسب أن يهدِّد الولدُ والدَه بالتأثيم إذا منعَه من الاعتكاف، فقد يكون الوالدُ متاولًا، وله بتأوُّلِه عذرٌ عند الله.
وعمومًا لا ينبغي أن يجبه الولد والده بما يسوءه من القول، فإن كان ولابد قائلًا فليقل:
يا أبت إني أخاف أن تدخل في شيء من الإثم بمنعي من الاعتكاف.
وقد قال خليل الرحمن إبراهيم لأبيه الذي كان يجاهده على الشرك:
﴿يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا﴾ [مريم: 45]
نسأل الله تعالى أن يَمُنَّ علينا جميعًا بالفقه الرشيد، وأن يردنا جميعًا إليه ردًّا جميلًا. والله تعالى أعلى وأعلم.
يمكنكم الإطلاع على المزيد من فتاوى الصيام الخاصة بفضيلة الشيخ الدكتور صلاح الصاوي.
كما ويمكنكم متابعة كافة الدروس والمحاضرات والبرامج الخاصة بفضيلة الشيخ الدكتور صلاح الصاوي