شيخي الحبيب، جزاك الله خيرًا. لي سؤال بالنِّسبة لكفارة الجماع في نهار رمضان: هل هي صيام شهرين متتابعين أولًا ثم إذا عجز الشَّخص يُطعم ستِّين مسكينًا، أم هي على الخيار؟ بمعنى أن يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستِّين مسكينًا؟
وبالنِّسبة لمن فعل العادة السرية (الاستمناء) في نهار رمضان ما هي كفارته؟ لأنني سمعتُ من بعض مشايخي أنه عليه القضاء والكفَّارة، أرجو من حضرتك أن تذكر لي قولَ العُلَماء في هذه المسألة، أعني: من فعل الاستمناء في نهار رمضان، وبالنِّسبة لمن جامع أو فعل العادة السرية لو كان يجهل الحكمَ، بمعنى أنه لا يعرف أن ما يفعله عليه كفارةٌ، ولكن مثلًا يعلم أنه حرامٌ، وهل لو كان الشَّخص صغيرًا ولكنه بالغٌ ولم يعِ خطورةَ هذا الأمر وفعل الاستمناء في نهار رمضان ماذا عليه؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله، والصَّلاة والسَّلام على رسولِ الله، وعلى آلِه وصَحْبِه ومَن والاه. أما بعد:
فإن كفارةَ الجماع في نهار رمضان على التَّرتيب، وليست على التَّخيير، فيلزمه الصَّوْم، فإن عجز فالإطعام.
أما فعل العادة السِّرِّيَّة فالرَّاجح من قولي العُلَماء أن عليه القضاءَ فقط، وتلزمه التَّوبةُ إلى الله عز وجل ؛ لأن الكفَّارةَ خاصَّةٌ بالجماع.
أما من كان يجهل التَّحريم وكان مثله يُعذر بذلك لكونه يعيش خارج ديار الإسلام بعيدًا عن منابع الهدى فلا تلزمه كفارةٌ؛ لأن حكم الخطاب لا يَثبُت في حقِّ الـمُكلَّف إلا إذا علمه؛ لقوله تعالى: ﴿ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾ [الأنعام: 19]
أما إذا كان لا يُعذر به مثله فلا أَثَر له في وجوب الكفَّارة، وإذا علم بالتَّحريم فلا أثر لجهله بالعقوبة المترتِّبة على ذلك في وجوب هذه الكفَّارة، والكفارات الشَّرعيَّة تلزم المخالف منذ البلوغ، ولا أثر لكبر ولا صغر بعد البلوغ في استحقاق العقوبات عند المخالفة. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.