ذهب أكثر أهل العِلْم إلى أن القول الرَّاجح فيمن أفطر عمدًا بالأكل أو الشَّرب في نهار رمضان يجب عليه فقط القضاء، وأن الكفَّارة خاصَّة بالجماع فقط، ومن بين أدلَّتهم قالوا: لا يجوز قياس الجماع بالأكل أو غيره، لماذا لا يجوز القياس بالجماع على غيره، وما أدلتهم على ذلك؟ وبارك اللهُ فيكم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمَّا بعد:
فقد وقع خلافٌ بين أهل العِلْم في وجوب الكفَّارة على من أفطر عامدًا بالطَّعام أو الشَّراب في نهار رمضان، فالشَّافعيَّة(1) والحنابلة(2) على عدم وجوب الكفَّارة إلا بالجماع؛ لأن الجماع هو مناط الكفَّارة في النَّصِّ المُوجِب لذلك(3)، والمالكيَّة(4) والأحناف(5) على وجوب الكفَّارة في الفطر المتعمَّد، سواء أكان ذلك بطعام أم بشراب أم بجماع، لاستواء هذه الثَّلاثة في الحرمة، فكما وجبت الكفَّارة بالجماع وجبت في غيره، والمسألة كما ترى في موضع الاجتهاد، ولعلَّ الأقربَ إلى مقاصد الشَّرع قصر وجوب الكفَّارة على الفطر بالجماع. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
________________
(1) جاء في «الأم» للشافعي (2/109-110): «ولا تجب الكفارة في فطر في غير جماع، ولا طعام ولا شراب ولا غيره».
(2) جاء في «المغني» من كتب الحنابلة (3/134): «مسألة: قال:(ومن جامع في الفرج، فأنزل، أو لم ينزل، أو دون الفرج فأنزل عامدا أو ساهيا، فعليه القضاء والكفارة، إذا كان في شهر رمضان)».
(3) سبق ذكره وتخريجه فتصدق» حديث (1936).
(4) جاء في «المنتقى» من كتب المالكية (2/39): «(فرع) فإن أفطر عامدا فعليه الكفارة».
(5) جاء في «بدائع الصنائع» من كتب الحنفية (2/97-98): «وجوب الكفارة يتعلق بإفساد مخصوص وهو الإفطار الكامل بوجود الأكل أو الشرب أو الجماع صورة ومعنى متعمدا من غير عذر مبيح ولا مرخص ولا شبهة الإباحة».