هل خروج المنيِّ في اليقظة من دون شهوة يُبطل الصِّيام؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن المنيَّ هو الماء الدافق الذي يخرج دفقًا بشهوة، فإذا خرج بغير شهوة في اليقظة فهذه حالة مرضيَّة في الغالب لا تُفسد الصوم، ولا توجب الغسل في الصَّحيح من أقوال أهل العلم، فإن جمهورَ العلماء من الحنفيَّة(1) والمالكيَّة(2) والحنابلة(3) على أنه لا يُوجب الغسل ولا يفسد الصوم بخروج هذا المني؛ لأنه خارجٌ بدون إرادةٍ واستدعاء.
قال ابن قُدَامة: في «المغني»: «ولو استمنى بيده فقد فعل مُحرَّمًا، ولا يَفسُد صومُه به إلا أن يُنزل، فإن أنزل فسد صومُه»(4).
فأما إن أنزل لغير شهوةٍ، كالذي يخرج منه المنيُّ أو المذي لمرضٍ، فلا شيء عليه؛ لأنه خارجٌ لغير شهوة، أشبه البول، ولأنه يخرج من غير اختيارٍ منه ولا تسبُّب إليه، فأشبه الاحتلام.
ومقصوده: أنه يشبه الاحتلام في نفي الإثم ولكن لا يشبهه في وجوب الغسل، فقد صرح قبل ذلك بأنه لا شيء عليه. والله تعالى أعلى وأعلم.
_________________
(1) جاء في «البحر الرائق» من كتب الحنفية (1/55-61): «لا يجب الغسل بإنزال المذي والودي والبول بالإجماع».
(2) جاء في «التاج والإكليل» من كتب المالكية (1/445-448): «قال ابن بشير: إن فقدت اللذة المعتادة وغير المعتادة ولم تكن مقارنة ولا سابقة فهاهنا قولان، المشهور أنه لا غسل عليه»وجاء في «شرح مختصر خليل للخرشي» من كتب المالكية (2/358-359): «وأما إن خرج بلا لذة، أو لذة غير معتادة فلا شيء فيه، والإنزال عن شهوة مرادٌ بالإجماع فلا يكون غيره وهو إنزال المني لا عن شهوة مرادًا».
وجاء في «حاشية الدسوقي» من كتب المالكية (1/523): «إن خرج بلا لذة أصلا أو خرج بلذة غير معتادة فلا يفسد صومه».
(3) جاء في «الإنصاف» من كتب الحنابلة (1/227-228): «قال ابن تميم: فإن خرج لغير شهوة. فروايتان. أصحهما: لا يجب. وقال في الرعاية، وقيل: إن خرج لغير شهوة فروايتان مطلقا. أصحهما: عدم وجوبه».
وجاء في «المبدع» من كتب الحنابلة (1/150-154): «(فإن خرج لغير ذلك كمرض أو برد أو كسر ظهر (لم يوجب) في أصح الروايتين».
(4) «المغني» (3/21).