أنا مسلمٌ أعيش في كندا، ونظرًا لقلة العمل قررتُ أن أقوم بفترة تكوينٍ بدون راتبٍ عند بعض الجمعيات التي تهتمُّ بإعانة الأيتام وكفالتهم، وأغلب الأيتام من الدول الإسلامية، وفترة التكوين هذه تمتدُّ حتى نهاية شهر رمضان، وأنا معتادٌ أن أقوم بالاعتكاف خلال شهر رمضان، سؤالي هو:
هل أستمرُّ في عملي في هذه الجمعية وأترك الاعتكاف هذه السَّنة، وفقًا لحديث رسول الله : «أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى الله أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ»، والذي جاء في آخره: «وَلَأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْـمَسْجِدِ- يعني: مسجدَ المدينة- شَهْرًا»(1)؟ أم أُوقف عملي هذا وأقوم بالاعتكاف لما ورد أن النَّبي كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهدُ في غيره(2)، وما ورد في الصحيحين عن عائشة ل قالت: كان النَّبي إذا دخل العشرُ شد مِئزَرَه وأحيا ليله وأيقظ أهله(3)، وكما ترون فإن الفضل ورد في العملين، فأيُّهما الأفضل؟!
____________________
(1) أخرجه الطبراني في «الكبير» (12/453) حديث (13646) من حديث ابن عمر ب، وذكره الألباني في «السلسلة الصحيحة» حديث (906).
(2) أخرجه مسلم في كتاب «الاعتكاف» باب «الاعتكاف في العشر الأواخر من شهر رمضان» حديث (1175) من حديث عائشة.
(3) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «صلاة التراويح» باب «العمل في العشر الأواخر من رمضان» حديث (2024)، ومسلم في كتاب «الاعتكاف» باب «الاعتكاف في العشر الأواخر من شهر رمضان» حديث (1174) من حديث عائشة.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلا نرى بين الأمرين تعارضًا، فيُمكنك البقاءُ في عملك ثم التوفيق بينه وبين الاعتكاف في العشر الأواخر، ولو أخذتَ هذه الأيام العشر إجازةً لتعود بعدها إلى عملك إن شئتَ فلا حرج، وبذلك تكون قد جمعت بين الخيرين ووفَّقتَ بين الحُسنَيَيْن. ونسأل اللهَ لنا ولك التوفيق، والله تعالى أعلى وأعلم.