عند دخول المسجد أجد في الصف الثاني اثنين يقفان أقصى اليمين وناسًا تقف على الشمال ولا أحد بدأ الصف الثاني من خلف الإمام. فهل أقف أنا خلف الإمام أم أذهب مع أهل اليمين أم مع الذين يقفون في الشمال؟

وأحيانًا أجد أناسًا بدءوا الصف من اليمين، فهل ألتزم بالسنة وأقف خلف الإمام أم أقف معهم؟ وعند تسوية الصف هل نسوي الصفَّ أيضًا على ناحية اليمين أم على حسب أغلبية الصف المنتظمة وإن كانت على الشمال؟

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن السنةَ أن يُبدأ الصفُّ الثَّاني من خلف الإمام، ومن الأدلة على ذلك حديثُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم  الوارد في صلاة الليل عندما أقام الصحابيَّ على يمينه وعندما أصبحوا صحابيَّين أقامهما خلفه مباشرةً(1)، ولكن هذا لا يعني أن تقف منفردًا في الصف بل تصف مع الجماعة كيفما كانت، ثم تنصح لها بعد ذلك.
وإذا صففتَ مع الجماعة فإنك تنحاز إلى الميمنة فإن خيرَ الصفوف ميامنُها، وقد أخرج الإمام مسلم في «صحيحه» من حديث البراء بن عازب ب قال: كُنا إذا صلينا خلفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم  أحببنا أن نكونَ عن يمينه، يُقبل علينا بوجهه(2).
وهناك حديثٌ آخر لكنه ضعيفٌ، وهو حديث عائشة مرفوعًا: «إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الَّذِينَ يُصَلُّونَ عَلَى مَيَامِنِ الصُّفُوفِ»»(3).
وفي المسألة اجتهادٌ آخر ذكره الشَّيخ ابن العثيمين : في «الشرح الممتع» أن إطلاق أفضليَّة ميامن الصفوف في الصَّلاة غيرُ صحيح؛ لعدم ورود ما يدلُّ على ذلك، وذكر أن الأفضلية إنما تكون في حالة تساوي يمين الصف مع يساره، أمَّا في حالة اختلال اليمين عن يسار الصف بصورةٍ واضحة فتُصبح الأفضلية هنا لإكمال يسار الصف، واستدلَّ على ذلك بحديث النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم  الوارد في صلاة الليل عندما أقام الصحابيَّ على يمينه وعندما أصبحوا صحابيَّين أقامهما خلفه مباشرةً، فقال الشَّيخ :: «لو كان لليمين أفضلية مطلقة للصفوف لأقامهما على يمينه ولم يُقمهما خلفه صلى الله عليه وسلم ». وهو اجتهادٌ مُتوجِّهٌ. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

ـــــــــــــــــــــــ

(1) فقد أخرج مسلم في كتاب «صلاة المسافرين وقصرها» باب «استحباب يمين الإمام» حديث (709) من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه  قال: كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم  أحببنا أن نكون عن يمينه يقبل علينا بوجهه.
(2) أخرجه مسلم في كتاب «صلاة المسافرين وقصرها» باب «استحباب يمين الإمام» حديث (709).
(3) أخرجه مسلم (676).