المعلوم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ شَرَّ صُفُوفِ النِّسَاءِ أَوَّلُهَا وَخَيْرَهَا آخِرُهَا، وَخَيْرَ صُفُوفِ الرَّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرَّهَا آخِرُهَا». أو كما قال ﷺ.
والسؤال بارك الله فيكم هو: من أين يجب أن تبدأ صفوف النساء؟ وهل في هذا الحديث إشارة أو أمر بأن تبدأ صفوفهن من الآخر أم أنه مجرد وصف؟ علمًا بأنه في مسجدنا يوجد فاصل بين الرجال والنساء إلا أنه دون قامة الرجل المتوسط، بحيث ترى النساء جماعة الرجال وهن واقفات. فمن أين تبدأ صفوفهن في هذه الحالة بارك الله فيكم؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
قال صلى الله عليه وسلم : «خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُـهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُـهَا»(1).
وبهذا شرع الشارع الحكيم سبحانه وتعالى من الذرائع والوسائل ما يقتضي إبعاد الشر عن الجنسين حتى في حالة قيامهم للصلاة.
وسبب هذا التشريع: أنه كان هناك رجل من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ، يحضر المسجد ويُصلي، لكنه كان يتعمد الصلاة في الصف الأخير، لم؟! لأنه كانت هناك امرأة جميلة تُصلي في الصف الأول، فكان إذا سجد نظر هكذا تحت إبطه إليها(2)!
وعلى هذا فالأصل أن تبدأ صفوف النساء من المؤخرة عكس ما تكون عليه صفوف الرجال؛ إلا إذا وجد فاصل تام يحجب الرؤية تمامًا عندئذ يعود الأمر إلى أصله وتستوي صفوف الرجال والنساء في الترتيب لتخلف الحكمة في هذا التمييز في مثل هذه الحالة. والله تعالى أعلى وأعلم.
ـــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه مسلم في كتاب «الصلاة» باب «تسوية الصفوف وإقامتها» حديث (440) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
(2) فقد أخرج الحاكم في «مستدركه» (2/384) حديث (3346)، وابن حبان في «صحيحه» (2/126) حديث (401)، وابن خزيمة في «صحيحه» حديث (3/97)، من حديث ابن عباس ب قال: كانت تصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة حسناء من أحسن الناس، فكان بعض القوم يتقدم في الصف الأول لئلَّا يراها ويستأخر بعضهم حتى يكون في الصف المؤخر، فإذا ركع نظر من تحت إبطه، فأنزل الله عز وجل في شأنها: «وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ». وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه».