وهبني الله موهبةَ كتابة القصص الخيالية، ولكن أرهبني وابلُ الفتاوى التي تُحرِّمها على اعتبار أنها كذب، والقول إن عمل القُصَّاص لا يُرفع ما دام في جلسته تلك.
فأنا أريد استثمار موهبتي لكن خائفة من غضب الله، أرجو أن تردوا علي بجواب مفصَّل؛ لأنني موسوسة قليلًا من هذا الموضوع، وتارة يكون في صدري حرج وتارة أخرى يكون صدري منشرحًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فما كان من ذلك على سبيل ضربِ المثل فأرجو ألا حرج فيه، على أن يبين ذلك في مقدمة القصَّة أو الرواية، وقد قال صلى الله عليه وسلم : «مَثَلُ القائِمِ على حُدُودِ الله والوَاقِعِ فيها والمُداهِن فيها كمَثَلِ قَوْمٍ ركِبُوا سَفينةً فأصابَ بعْضُهُم أسْفَلَها وأوْعَرَها وشرَّها، وأصابَ بَعضُهم أعْلاها، فكانَ الَّذين في أسْفَلِها إذا اسْتَقَوا الماء مَرُّوا على مَن فوْقَهم فآذَوْهُم، فقالُوا: لو خَرَقْنا في نَصِيبِنَا خَرْقًا فاسْتَقَيْنا مِنهُ، ولمْ نُؤذِ مَن فوْقَنا، فإنْ ترَكُوها وأمْرَهم هلكُوا جَميعًا، وإنْ أخذُوا على أيْدِيهِم نجَوْا جَميعًا»(1).
وفي قصة الأقرع والأبرص والأعمى إيماءة إلى ذلك، فقد تنكر الملك في هيئة مسكين وزعم الفقر والحاجة، وهو ما ليس بحقيقة، وكُتُب التراث مليئة بأمثلة ضربها العلماء لشخصيات من الخيال، ومنها أحداث وكلام على ألسنة الحيوانات، وكانوا يقصدون ضرب أمثلة عن الكرم والبخل والشجاعة والخيانة، ونحوه.
والأولى بك يا أمة الله أن تكتبي عن القصص الحقيقية والصحيحة التي وردت في القرآن والسنة، كقصص الأمم السابقة التي قصها الله علينا، ففي القرآن الكريم أحسن القصص، أو تكتبي عن سِيَر عظماء الإسلام كالأنبياء والعلماء والصالحين، بأسلوب قصصي جذاب ليس فيه كذب على التاريخ، ولا قول بغير علم، وبهذا تكونين قد تجاوبت مع موهبتك القصصية وأحسنت توظيفها في خدمة الملة والأمة. والله تعالى أعلى وأعلم.
_________________
(1) أخرجه البخاري في كتاب «الشركة» باب «هل يقرع في القسمة والاستهام فيه» حديث (2493)، من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه .