أدعو الله أن تكون في خير حالٍ، وأن يُديم عليَّ وعليك السعادة في الدنيا والآخرة، وأن يجمعنا في روضات الجنات.
سمعت من المفتي علي جمعة أنه بمجرد تجاوز «الكمين» خارج البلد يحل قصر الصلاة، وأنا أنزل من مدينة السادس من أكتوبر إلى منطقة العجوزة فأبيت بها ليلة أو ليلتين عند والدتي حفظها الله، فهل يحل لي القصر؟ علمًا بأنه أحيانًا لا تسمح حالة المرور بإدراك الصلاة في وقتها.
أعلم أن القصر مسألة والجمع مسألة أخرى، ولكني أدلل لكم على المسافة والتي قد تبلغ خمسين كيلو مترًا، ويصطلح أهل أكتوبر على تسمية هذا المشوار بالنزول إلى مصر.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن المعتبر عند جمهور أهل العلم(1) هو اعتبار المسافة في القصر، ومسافة ما يُعَد سفرًا هو يوم وليلة للمَطيَّة، ويُقدر بثمانين كيلو مترًا وما يُقاربها حدًّا تقريبًا، ويعسر عليَّ القول بأن الانتقال من مدينة السادس من أكتوبر إلى العجوزة سفر، فضلًا عن كونه لم يبلغ هذه المسافة، فالذي يظهر لي هو عدم القصر في هذه المسافة، أما الجمع فهو رخصة عارضة عند الحاجة إليه. والله تعالى أعلى وأعلم.
ــــــــــــــــــــــــ
(1) جاء في «فتح القدير» من كتب الحنفية (2/27-31): «السّفرُ الّذِي يتغيّرُ بِهِ الأحكامُ أن يقصِد الإِنسانُ مسِيرة ثلاثةِ أيّامٍ وليالِيها سير الإِبِلِ ومشي الأقدامِ».
وجاء في «المنتقى» من كتب المالكية (1/261-263): «قدر السفر الذي تقصر في مثله الصلاة فإنه قد نص على أن السفر من المدينة إلى الحج تقصر فيه الصلاة، وهذا مما لا خلاف فيه، وإنما الخلاف في أقل مقادير سفر القصر فالمشهور عن مالكٍ أن أقل سفر القصر أربعة بردٍ وهي ستة عشر فرسخًا وهي ثمانيةٌ وأربعون ميلًا وإلى ذلك ذهب الشافعي وروي عنه مسيرة يومٍ وليلةٍ».
وجاء في «تحفة المحتاج» من كتب الشافعية (2/378-380): «(فصلٌ) في شروط القصر وتوابعها، قوله: وهي ثمانيةٌ أحدها: سفرٌ طويلٌ و(طويل السفر ثمانيةٌ وأربعون ميلًا) ذهابًا فقط تحديدًا ولو ظنًّا».
وجاء في «المبدع» من كتب الحنابلة (2/113-118): «فصلٌ في قصر الصلاة: ومن سافر سفرًا مباحًا، يبلغ ستة عشر فرسخًا، فله قصر الرباعية خاصةً إلى ركعتين، إذا فارق بيوت قريته أو خيام قومه، وهو أفضل من الإتمام، وإن أتم جاز».