جزاكم الله خيرًا على جهودكم، هل يمكن القول لمسافر أدرك ركعتين ظهرًا أو ثلاثًا مغربًا خلف المقيم في صلاة رباعية أن يكتفي بذلك ويسلم وحده أو مع إمامه؟ وذلك بناء على ما يلي:
عن المغيرة بن مقسم عن عبد الرحمن بن تميم بن حذلم قال: كان أبي إذا أدرك من صلاة المقيم ركعة وهو مسافر صلى إليها أخرى، وإذا أدرك ركعتين اجتزأ بهما. قال ابن حزم: تميم بن حذلم من كبار أصحاب ابن مسعود 
.
وعن الشعبي قال: إذا كان مسافرًا فأدرك من صلاة المقيم ركعتين اعتد بهما.
وعن سليمان التيمي قال: سمعت طاوسًا وسألته عن مسافر أدرك من صلاة المقيمين ركعتين؟ قال: تجزيانه(1).
وأما الاختلاف بين المأموم والإمام فإنه اختلاف نيات لا أفعال، والرسول 
فسر الاختلاف في قوله: «فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ» بقوله: «فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا»(2). وهنا لم يحصل اختلاف أفعال.
أما حديث موسى بن سلمة قال: كنا مع ابن عباس بمكة فقلنا: إنا إذا كنا معكم صلينا أربعًا، فإذا رجعنا إلى رحالنا صلينا ركعتين؟ فقال: تلك سنة أبي القاسم وإن رغمتم(3). فهو مُنكَر بهذه الرواية، تفرد بها الطفاوي عن أيوب عن قتادة عن موسى، والصحيح من روايات الثقات هو بلفظ: سألت ابن عباس قلت: أكون بمكة كيف أصلي؟ قال: ركعتين سنة أبي القاسم (4).
ــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: «المحلى» لابن حزم (3 / 231).
(2) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «الأذان» باب «إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة» حديث (733)، ومسلم في كتاب «الصلاة» باب «ائتمام المأموم بالإمام» حديث (411) من حديث أنس بن مالك .
(3) أخرجه أحمد في «مسنده» (1/216) حديث (1862)، وذكره الألباني في «السلسلة الصحيحة» حديث (2676).
(4) أخرجه مسلم في كتاب «صلاة المسافرين وقصرها» باب «صلاة المسافرين وقصرها» حديث (688).
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن المسألة في محل الاجتهاد، وما ذكرته متوجه، وإن كان جمهور أهل العلم على خلافه(1)، حتى قال الإمام ابن عبد البر :: قال أكثرهم: إنه إذا أحرم المسافر خلف المقيم قبل سلامه أنه تلزمه صلاة المقيم، وعليه الإتمام(2).
وحجتهم على ذلك لا تخلو من مقال. والله تعالى أعلى وأعلم.
ــــــــــــــــــــــــــ
(1) جاء في «المغني» من كتب الحنابلة (2/232): «يتم المسافر خلف المقيم».
وجاء في «في التاج والإكليل» من كتب المالكية (2/505-506): «قال مالك: إذا صلى المسافر خلف المقيم اتبعه وأتم معه قال: وكذلك إذا أدرك – يعني المسافر – ركعة واحدة من صلاة المقيم فإنه يقضي ثلاث ركعات».
(2) انظر «التمهيد لابن عبد البر» (16/315) .
