هل هناك صلاةٌ لحاجة مشروعة في الإسلام؟ أو هل ورد حديثٌ صحيح يدلُّ على مشروعيَّة صلاة الحاجة؟ أفيدونا أفادكم الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمَّا بعد:
فإن الصَّلاةَ عبادةٌ، ولا عبادة إلا بتوقيف من الشَّرع، وقد ورد في صلاة الحاجة أحاديث لا تخلو أسانيدها من مقالٍ، وقد أخذ بها بعضُ أهل العِلْم ونازع في ذلك آخرون، فممن أخذ بها الإمام النَّوَويُّ :؛ حيث بوَّب في كتابه «الأذكار» فقال: «باب: أذكار صلاة الحاجة»؛ ولعلَّه استنبط هذه التَّسْمية من الحديث الوارد فيها، ثم ساق الحديث وهو: عن عبد الله بن أبي أوفى ب قال: قال رسولُ الله عز وجل : «مَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ إِلَى الله تَعَالَى أَوْ إِلَى أَحَدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ فَلْيَتَوَضَّأْ، وَلْيُحْسِنِ الْوُضُوءَ، ثُمَّ لِيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ لِيُثْنِ عَلَى الله عز وجل ، وَلْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، ثُمَّ لِيَقُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْـحَلِيمُ الْكَرِيمُ، سُبْحَانَ الله رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، الْـحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَـمِينَ، أَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ، وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ، وَالْغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ، وَالسَّلَامَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، لَا تَدَعَ لِي ذَنْبًا إِلَّا غَفَرْتَهُ، وَلَا هَمًّا إِلَّا فَرَّجْتَهُ، وَلَا حَاجَةً هِيَ لَكَ رِضًا إِلَّا قَضَيْتَهَا يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ». رواه التِّرمذيُّ وابن ماجه، وقال التِّرمذي: «في إسناده مقالٌ»(1).
لكن له شواهد قد يتقوَّى بها، ثم إنه في فضائل الأعمال، وقد نصَّ بعض أهل العِلْم على جواز العمل بالضَّعيف فيها، ما لم يكن شديد الضَّعْف، وما لم يكن معارضًا بما هو أصحُّ منه.
ونازع فيها آخرون بناءً على أن الأحاديث المنكرة لا تقوم بها حجَّة، ولا تصلح لبناء العمل عليها، وعلى هذا فتوى اللَّجنة الدَّائمة في بلاد الحرمين.
وصفوة القول في ذلك أنه قد ورد في كتاب الله عز وجل مُطلَق الأمر بالاستعانة بالصَّبْر والصَّلاة، في مثل قوله تعالى: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ﴾ [البقرة: 45] وقد كان صلى الله عليه وسلم إذا نابه أمرٌ فزع إلى الصَّلاة، سواء أكانت صلاة التَّطوُّع أم صلاة الفريضة نفسها؛ لأن ذلك كلَّه- أعني صلاة الفريضة والتَّطوُّع- يدخل في قوله تعالى: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ﴾.
وكلما أكثر الإنسان من صلاة التَّطوُّع كان ذلك أرجى لقبول دعائه؛ لأن الصَّلاةَ كلَّها دعاءٌ ومناجاةٌ لله تعالى وصلةٌ به، ولا يَخْفى أن أقربَ ما يكون العبد من ربِّه وهو ساجد(2).
فلعلَّ هذا هو الأصوبُ في بيان المقصود بصلاة الحاجة، وليست هي صلاة مخصوصة لها أذكار وأدعية مخصوصة. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه مسلم (479).
(2) أخرجه مسلم في كتاب «الصلاة» باب «ما يقال في الركوع والسجود» حديث (482) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .