هناك أحد المساجد المجددة في مونتريال جعلوا الفاصل بين الرجال والنِّساء حاجزًا خشبيًّا لا يتجاوز مترًا واحدًا بحيث إن أي رجل يشهد النِّساء والعكس كذلك، وإدارة المسجد تقول: إن الفاصل بين الرجال والنِّساء من الأمور المستحدثة في المساجد، ولم تكن على عهد رسول الله. فما الحكم الشَّرعي في هذا العمل؟ وهل الواجب شرعًا الفصل بين الرجال والنِّساء بستارٍ أو شيء؟ وهل الأفضل ترك هذا المسجد والصلاة في غيره عند خشية الفتنة؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فقد ناقش مجمع فقهاء الشَّريعة بأمريكا في دورة انعقاد مؤتمره السادس في مونتريال هذه القضية وانتهى فيها إلى القرار التالي:
رابعًا: حول المرأة والمسجد:
* الأصل أن تكونَ صفوف النِّساء خلف صفوف الرجال، فإن ذلك كان الشَّأن في مسجده صلى الله عليه سلم.
* فإذا تعذر ذلك فلا حرج أن توازي صفوفهن صفوف الرجال عند وجود الحائل المناسب الذي لا يمنع السماع ولا رؤية الإمام، أو وجود فرجة بين الرجال والنِّساء تمنع من الفتنة، وتوفر الخصوصيَّة وتعين على غض البصر.
* وضع الحواجز بين الرجال والنِّساء في الصلاة ليس من الثوابت الشَّرعية، ويمكن أن يستغنى عنه بالتَّدابير النَّبويَّة التي كانت على عهده صلى الله عليه سلم، ومنها:
1. أن تأتي النِّساء إلى المساجد في حجابهن غير متبرجات بزينة، كما كانت الصحابيات رضي الله عنهن يفعلن.
2. أن ينصرفن سريعًا بعد الصلاة كما فعلن رضي الله عنهن حتى أنهن لم يكن يعرفن من الغلس عند انصرافهن من صلاة الصبح(1).
3. ألا يستدير الرجال حتى تنصرف النِّساء.
4. أن يخصص لهن باب لخروجهن ودخولهن.
5. التوقر والصيانة، والقصد في التَّواصل مع الرجال إلا لحاجة.
6. ألا يزاحمن الرجال داخل المسجد وعلى الأبواب وفي المصاعد وغيرها.
* والأولى للمساجد بالغرب، لاسيما مع صغر حجمها ومع فقد هذه التَّدابير الإبقاء على الحواجز صيانة للمرأة وحرصًا على راحتها، وسدًّا لذريعة الفتنة، وحراسة لطهارة المساجد، وحفاظًا على قدسية الصلاة.
* ما يوضع من الحواجز بين الرجال والنِّساء ينبغي ألا يمنع من السماع والرؤية من جهة النِّساء ما يمكنهن من متابعة الإمام، وينبغي أن يتوافر بمصليات النِّساء ما في القاعة الرئيسة للمسجد من أسباب الراحة والإكرام. والله تعالى أعلى وأعلم.
ـــــــــــــــــــــــ
(1) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الأذان» باب «سرعة انصراف النساء من الصبح وقلة مقامهن» حديث (872)، ومسلم في كتاب «المساجد ومواضع الصلاة» باب «استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها وهو التغليس وبيان قدر القراءة فيها» حديث (645)، من حديث عائشة ل قالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لَيُصلي الصبح فينصرف النساءُ متلفعاتٍ بمروطِهن ما يُعرفن منَ الغلَس.