بسم الله الرحمن الرحيم، لي مشكلة وهو أنني أتناول أدوية ضد الكآبة والقلق بأمر من الطبيب النفسي، وهذا بسبب هذه المشكلة، وهذه الأدوية منوِّمة، وبالتالي لا أستطيع أن أؤدي صلاة الصبح في وقتها، وحين قررت أن أتخلَّى عن هذه الأدوية حتى يتسنى لي صلاة الصبح كثرت عليَّ الوساوس حتى إنني أصبحت أفكر في أن أبادر ربي بنفسي- أي أنتحر- وهذا كله راجع إلى مشكلة شذوذي التي تؤرِّقُني خاصَّة عندما كثُر حديث أهلي والناس، لماذا لم أتزوج إلى الآن؟ ما هو الحل؟ هل أكفُّ عن تناول هذه الأدوية لأستطيع أن أؤدي صلاة الصبح، وأُعرِّض نفسي لما لا تُحمد عقباه- لا قدر الله، هل يقام الحد على مثل هذه الأمور حتى أريح وأستريح؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
يا بني لا تُحمِّل نفسَك ما لا تُطيق، ولا تُبغِّض إلى نفسك عبادةَ ربك، فإن ربَّك أرحم الراحمين !
ما دامت هذه الأدوية ضرورية، وقد وصفها لك طبيب نفسي متخصص، وغيابها يدخلك في دوامة هذه الوساوس القاتلة، فأنت إذن في حاجة ماسة إليها.
وعلى هذا فإن تناول هذه الأدوية مشروعٌ، فلا تثريب عليك في تناولها، بل قد يكون واجبًا عليك، إذا كان لا سبيل لك إلى التخلص من هذه الوساوس التي تُفسِد عليك دينَك ودنياك إلا من خلالها.
أما بالنسبة لصلاة الصبح فاتَّقِ الله فيها ما استطعت، ولا يُكلِّف الله نفسًا إلا وسعها، إذا استطعت أن تقوم إليها في وقتها ولو باستخدام منبِّه أو بتكليفِ أحد من الناس بإيقاظك ونحوه فافعل واحرص على ذلك.
وإن لم تستطع فَصَلِّها متى استيقظت مباشرة، فإن هذا هو وسعك، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، وقد «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الْـمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ»، وقد قال صلى الله عليه وسلم : «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا»(1).
ومرة أخرى ارفُقْ بنفسك ولا تبغِّض إليها عبادةَ ربك. والله تعالى أعلى وأعلم.
____________
(1) أخرجه مسلم في كتاب «المساجد ومواضع الصلاة» باب «قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها» حديث (684) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه .