ما حكم الصلاة لمن يقومُ بتركيب جهاز قسطرة للمثانة، وقد يخرج منها البول وهو يصلي؟ بارك الله فيكم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الأصل أن الطهارة مُعتبرة لصحة الصلاة، فلا يجوز تعمُّد الصلاة في ثوب نجسٍ، ولا وهو يحمل شيئًا نجسًا، وعليه أن يُطهِّر ثيابَه النجسة، وأن يضع عنه محمولَه النَّجس إذا قام إلى الصلاة، فلو حمل المُصلِّي قارورةً فيها بول أو غائط وهو ذاكرٌ لها قادرٌ على نزعها لَبَطلت صلاتُه.
هذه هي أحكام السعة والاختيار، فماذا عن أحكام الضرورة والضيق؟
إن كان هذا المحمول النجس لا يُمكِن للمصلي نزعُه، ويتضرر بذلك، كما لو كان يحمل قسطرةً متصلةً بالمثانة يجتمع فيها البول، أو يحمل أكياسًا تجتمع فيها الفضلات ونحوه، وكان أهل الخبرة من الأطباء يُؤكدون أن المريض الذي يحمل هذه الأشياء يتضرَّر بنزعها، فإن قواعد الشرع الحنيف ترفعُ الحرج، وتوجب دفعَ المشقة، والحمد لله على توسعته على عباده، فالمشقة تجلبُ التيسير، وحراسة النفس أولَى وأهم من رعاية شرط في الصلاة.
وبناء على ذلك فإنه يجوز له أن يصلي على هذه الحالة، مع اشتراط إغلاق هذه القسطرة بإحكامٍ، بحيث لا يتسرَّب منها شيء، وأنه متى تيسر نزعُها بلا ضرر وجب ذلك.
جاء في «شرح منتهى الإرادات»: «وإن خُيِّط جرحٌ أو جُبر عظمٌ من آدمي بخيطٍ نجسٍ أو عظم نجسٍ فصحَّ الجُرحُ أو العظم لم تجب إزالتُه- أي: النجس منهما- مع خوفِ ضررٍ على نفسٍ أو عضوٍ أو حصولِ مرضٍ؛ لأن حراسةَ النفس وأطرافها واجبٌ وأهمُّ من رعاية شرط الصلاة»(1).
ومتى عُلم أن البول أو الغائطَ يخرج من الشخص أثناءَ الصلاة دون تحكُّم منه، فإن الواجب أن يتوضأ لوقت كلِّ صلاة وضوءًا خاصًّا، بعد دخول وقتها، ويصلي حسبَ حالِه، فإنه لا واجبَ مع العجزِ، فإن عجَزَ عن الوضوءِ فإنه يُصار إلى التَّيمُّم، لقوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا } [النساء: 43]. ويقاس على فقدِ الماء فقدُ القُدرة على استعماله. والله تعالى أعلى وأعلم.
___________________
(1) « شرح منتهى الإرادات» (1 /161).