أعمل في منطقة بعيدة عن القاهرة، وورد لنا في منطقة العمل أن أحد زملاء العمل قد توفاه الله في بلده، وبالطبع تم تغسيله والصلاة عليه ودفنه من قِبَل أهله وجيرانه، وفي مكان العمل قام أحد الزملاء وأخبرنا بأن نصلي صلاة الغائب، فهل يجوز ذلك؟ جزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الصلاة على الغائب إنما تُشرع في حقِّ من لهم مكانة في النفوس، كالعلماء والقادة المشهورين وأكابر العلماء والدُّعاة ونحوهم؛ فقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي صلاة الغائب الذي كان من ملوك الإسلام، وقد نصر المسلمين المُهاجرين ومكَّنهم من العبادة حوله، وكاتبه النبي صلى الله عيه وسلم وقَبِلَ هديته، فكان من المُلوك الصالحين؛ فلذلك صلى عليه النبي صلى الله عيه وسلم(1).
فيُلحق به أكابر العلماء ومشاهير الدُّعاة الذين لهم سابقة وبلاء في نصرة الإسلام والمسلمين، وأما بقية الناس فيُكتفى بالصلاة على جنائزهم، ومن فاتته الصلاة عليه صلَّى على قبره أو اكتفى بالدعاء له واجتهد في ذلك، فقد حصل أن مات كثيرٌ من الصحابة في العهد النبوي وقُتلوا ولم يُنقل أنه صلى الله عليه وسلم كان يُصلي على كل غائب، وهكذا خُلفاؤه ما نُقل أنهم يُصلون على من مات بعيدًا عنهم، فدل على أنه لا يُصلى على كلِّ غائب. والله تعالى أعلى وأعلم.
ـــــــــــــــــــــ
(1) ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «الجنائز» باب «الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه» حديث (1245)، ومسلم في كتاب «الجنائز» باب «في التكبير على الجنازة» حديث (951)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، خرج إلى المصلى فصف بهم وكبر أربعًا.