ما حكم تتبع الإمام بالتلفاز في الصلاة والدعاء؟ مع العلم بأن أقربَ مسجد على بعد 5كم، وقد يحدث ضرر في صلوات العتمة.
جزاكم الله خيرًا، وكل عام أنتم بخير.
سم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الصلاةَ خلف المذياع أو التلفاز لا تصح؛ لأن الجماعةَ مُشتقَّةٌ من الاجتماع في الزمان والمكان، والاجتماع في الزمان يتخلَّف في البلدان البعيدة، أما الاجتماع في المكان فيتخلَّف في جميع الصور في حالة الصلاة خلف المذياع أو التلفاز؛ ولأن مقصودَ الشارع السعي إلى المساجد واجتماع المصلين فيها.
وقد جاءت النصوصُ القواطع بالتأكيد على هذا المعنى، فصلاةُ المرء خلف المذياع أو التلفاز آية على فتوره عن امتثال أوامر الشريعة وصدوده وعزوف نفسه عما يضاعف له به الحسنات، ويرفعه الله به إلى أعلى الدرجات، ويغفر له به السيئات، ومخالفته للأوامر الدالة على وجوب أدائها في المساجد، واستحقاقه الوعيد الذي توعد به المتخلفون عن شهود الجماعة في المساجد(1).
هذا، وقد تقع صلاته على أحوالٍ لا تصح معها الصلاة عند بعض الفقهاء، مثل كونه منفردًا خلف الصف مع إمكان دخوله في صفٍّ لو كان بالمسجد، وكونه أمام الإمام، وقد يعرض ما لا يمكنه معه الاقتداء بالإمام، كخلل في جهاز الاستقبال أو الإرسال، أو انقطاع التيار الكهربائي، وهو في أمن من هذا لو صلى في مكان يرى فيه الإمام والمأمومين.
وبهذا أفتت اللجنة الدائمة للإفتاء ببلاد الحرمين وغيرها من المرجعيات العلمية. والله تعالى أعلى وأعلم.
______________
(1) فقد أخرج مسلم في كتاب «المساجد ومواضع الصلاة» باب «فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف» حديث (651) من حديث أبي هريرة ، قال: قال رسول الله ﷺ: «إِنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ عَلَى الْـمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ».