كنت في زيارةٍ لأحد الأقارب وأُذِّن لصلاة المغرب، فقمت وصليت بعد سؤالهم عن اتجاه القبلة، وبخطأ منهم أشاروا لي في اتجاه خاطئٍ فصلَّيت حَسَب ذلك الاتجاه، وبعد ذلك أذِّن للعشاء فعلمت منهم أني لم أصلِّ في الاتجاه السليم، وأني لم أفهم إشارتهم في المرة الأولى، فصلَّيت العشاء في الاتجاه السليم ولم أُعِد صلاة المغرب. فهل يجب عليَّ إعادةُ صلاة المغرب؟

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعد:
فإذا كان الانحرافُ يسيرًا فلا تأثير له على القبلة؛ لأن المقصودَ جهةُ القبلة لا عينها، فلا يضرُّ الانحراف اليسير، أما إذا لم يكن الانحراف يسيرًا، وكان قد اجتهد قدر استطاعته في تحصيل القبلة، سواء بسؤال أهل البلد والمكان الذي هو فيه، بحيث يكون المسئولُ ظاهره الصِّدق- فقد أدَّى الذي عليه، فإن تبيَّن خطؤه فيما بعد فإن صلاته صحيحةٌ ولا تلزمه الإعادة.
ومثل ذلك لو فهم إشارةً خطأً؛ لأن اللهَ جل وعلا قد رفع الخطأ والنسيان عن هذه الأمة؛ فقال تعالى: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ [البقرة: 286]، وقد ثبت في الصحيح أن اللهَ جل وعلا قال: «قَدْ فَعَلْتُ»(1).
وفي كتاب «المغني» لابن قدامة :: «من صلَّى بالاجتهاد إلى جهة ثم علم أنه قد أخطأ القبلة لم يكن عليه إعادةٌ، وجملته أن المجتهدَ إذا صلَّى بالاجتهاد إلى جهة ثُمَّ بان له أنه صلَّى إلى غير جهة الكعبة يقينًا لم يلزمه الإعادةُ، وكذلك الـمُقلِّد الذي صلَّى بتقليده، وبهذا قال مالك وأبو حنيفة، والشافعي في أحد قوليه»(2).
فالذي يظهر أنه لا يلزمك الإعادة، لاسيما وقد خرج الوقت. والله تعالى أعلى وأعلم.

____________

(1) أخرجه مسلم في كتاب «الإيمان» باب «بيان أنه عز وجل  لم يكلف إلا ما يطاق» حديث (126) من حديث ابن عباس.

(2) «المغني» (1/268).