أنا أقيم في بلدة أجنبيَّة لا يوجد فيها مساجد ولا أذان؛ ولذلك لا نعرف مواقيت الصَّلاة الصَّحيحة، حاولت معرفتها عن طريق الإنترنت ولكن كلَّ موقعٍ لديه مواقيته الخاصة ولا أعرف أيَّها الصَّحيحة، وأنا أهتم بأداء الصَّلاة في وقتها، وأقوم لأداء صلاة الفجر ولا أعرف إن كنت أصليها قبل وقتها أو بعده أو في الوقت الصَّحيح. فهل عليَّ إثم في ذلك؟ وماذا أفعل لكي أحصل على المواقيت الصَّحيحة؟ وهل إذا لم أُصَلِّ الصَّلاةَ في وقتها لأنني لا أعرف الوقتَ الصَّحيح تُكتب لي حينها صلاةً في وقتها؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فلعلي أبدأ بالتعقيب على إقامتك في بلدةٍ لا يوجد فيها مساجدُ ولا أذان، ولا مسلمون بطبيعةِ الحالِ، فأقول لك: إن هذا البلدَ ليس ببلد مقام، فاعتبر إقامتك فيه عابرة وعارضة، وابحث عن مكانٍ تجد فيه من يُعينك على عبادة الله عز وجل ، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية(1)، وإن الشَّيطانَ مع الفذِّ وهو من الاثنين أبعد(2).
وأَضبطُ المواقيت الموجودة على النت فيما نعلم هو ميقات (إسنا)؛ فاحرص على تحرِّي أوقات صلاتك بناءً عليه، وما عجزتَ عنه مما بذلتَ الجهد واستفرغت الوُسع في سبيل الحصول عليه أرجو ألا يلحقك في ذلك إثمٌ ولا تبعة. زادك اللهُ حرصًا وتوفيقًا، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
ــــــــــــــــــــــــ
(1) فقد أخرج أبو داود في كتاب «الصلاة» باب «في التشديد في ترك الجماعة» حديث (547)، والنسائي في كتاب «الإمامة» باب «التشديد في ترك الجماعة» حديث (847)، والحاكم في «مستدركه» (1/330) حديث (765)، من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلَا بَدْوٍ لَا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلَاةُ إِلَّا قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ، فَعَلَيْكَ بِالْـجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ»، وقال الحاكم: «هذا حديث صدوق رواته شاهد لما تقدمه، متفق على الاحتجاج برواته إلا السائب بن حبيش وقد عرف من مذهب زائدة أنه لا يحدث إلا عن الثقات»، وذكره النووي في «خلاصة الأحكام» (2/655) وقال: «رواه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح».
(2) فقد أخرجه أحمد في «مسنده» (1/18) حديث (114)، والترمذي في كتاب «الفتن» باب «ما جاء في لزوم الجماعة» حديث (2165) من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أُوصِيكُمْ بِأَصْحَابِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَفْشُو الْكَذِبُ حَتَّى يَحْلِفَ الرَّجُلُ وَلَا يُسْتَحْلَفُ وَيَشْهَدَ الشَّاهِدُ وَلَا يُسْتَشْهَدُ؛ أَلَا لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ، عَلَيْكُمْ بِالْـجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ وَهُوَ مِنْ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ، مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الْـجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الْـجَمَاعَةَ، مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَذَلِكُمُ الْـمُؤْمِنُ»، وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح».