أودُّ أن أسأل فضيلتكم عن صفة الصَّلاة الجهريَّة للمنفرد، هل هناك من أهل العِلْم غير فقهاء المالكيَّة من قال: إن للمنفرد أن يُسِرَّ فيما يجهر فيه كالمغرب والعشاء والفجر؟
نودُّ من فضيلتكم ذِكْر أقوال المذاهب المقتدى بهم في هذه المسألة. وجزاكم اللهُ خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن المشروعَ للمنفرد أن يجهر في الجهرية ويُسِرَّ في السرية، تمامًا كما يفعل الإمام، إلا إذا كان المصلي امرأةً فإنها لا تجهر في موضعٍ فيه رجالٌ أجانب مخافة الافتتان بصوتها.
قال النَّوَويُّ في «المجموع»: «ويُستحب للمُنْفَرِد أن يجهر فيما يجهر فيه الإمام؛ لأنه لا ينازع غيره ولا هو مأمور بالإنصات إلى غيره، فهو كالإمام، وإن كانت امرأةً لم تجهر في موضع فيه رجال أجانب؛ لأنه لا يُؤمن أن يفتتن بها».
وقد ذهب الحنفيَّة والحنابلة إلى تخيير المُنْفَرِد في الصَّلاة الجهريَّة بين الجهر والإسرار، والسُّنَّة هي ما سلف، وفي المرأة تفصيلٌ نسوقه لك كما أوردته الموسوعة الفقهيَّة الكويتيَّة، فقد جاء في هذه الموسوعة ما يلي:
إسرار المرأة وجهرها في الصَّلاة: ذهب أكثر الشَّافعيَّة والحنابلة في قول إلى أن المرأةَ إن كانت خاليةً أو بحضرة نساء أو رجال محارم جهرت بالقراءة، وإن صلَّت بحضرة أجنبيٍّ أَسرَّت.
ويرى المالكيَّة كراهة الجهر بالقراءة للمرأة في الصَّلاة، وصرَّحوا بأنه يجب عليها إن كانت بحضرة أجانب يخشون من علوِّ صوتها الفِتْنة إسماعها نفسها فقط.
ويُؤخذ من عبارات فقهاء الحنفيَّة وهو وجه عند الشَّافعيَّة وقول آخر عند الحنابلة أن المرأةَ تُسِرُّ مطلقًا.
قال ابن الهمام الحنفيُّ: «لو قيل: إذا جهرت بالقراءة في الصَّلاة فسدت كان مُتَّجهًا». وهذا هو أحد الوجهين عند الشَّافعيَّة.
وقال النَّوَويُّ الشَّافعيُّ: «حيث قلنا: تُسِرُّ فجهرت لا تبطل صلاتها على الصَّحيح».
قال المرداوي: «يحتمل أن يكونَ الخلاف هنا مبنيًّا على الخلاف في كون صوتها عورةً أم لا». اهـ. والله تعالى أعلى وأعلم.
الجهر في صلاة المنفرد
تاريخ النشر : 30 يناير, 2012
التصنيفات الموضوعية: 02 الصلاة