الجمع بين الصلاتين بسبب وباء كورونا
ســـــؤال:
شيخي الفاضل نحن في مسجدنا كنا نقوم بالجمع بين الصلاتين بسبب وباء كورونا ،
والآن المرض خف نسبة الإصابة به بالكورونا في المنطقة التي نحن فيها .فهل نواصل الجمع و إن كان الضرر قد خف؟
الامر الأخر الإخوة في الإدارة متخوفون من الأوضاع في الأيام المقبلة فهل الخوف من الأوضاع السياسية المقبلة،
والخوف من اي حوادث سبب لجواز الجمع؟ بارك الله فيكم وأحسن إليكم وجزاكم الله خيرًا
الجـــــواب:
بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحِيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعــد:
❐ فأسوق لكم فتوى اللجنة الدائمة بمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا حول مسألة(الجمع بين الصلاتين) في ظل نازلة فيروس كورونا، ثم أُعقب عليها بما يقتضيه المقام إن شاء الله
فتوى اللجنة الدائمة بمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا:
(“إن مسألة الجمع بين الصلاتين في ظل نازلة فيروس كورونا،تنوعت فيها مذاهب العلماء بين مشدد مضيق كالحنفية،
وبين متوسع كالحنابلة، واتفق جماهير العلماء من الفقهاء والمحدثين من المالكية والشافعية والحنابلة على جواز الجمع لعذر،
مع اختلافهم في تحديد العذر.”
ومما نص عليه جمع من الفقهاء الجمع بسبب الخوف، وهو قول المالكية والحنابلة وبعض الشافعية ودليلهم ما رواه مسلم في صحيحه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:
” صلى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظهر والعصر جمعاً بالمدينة في غير خوف ولا سفر .
قال أبو الزبير فسألت سعيدًا لم فعل ذلك؟ فقال سألت ابن عباس كما سألتني فقال: (أراد ألا يحرج أحدًا من أمته.)
فأفاد استقرار جواز الجمع لأجل الخوف في عهدهم وإلا لما ذكره ابن عباس رضي الله عنهما.
وكذلك في هذا الحديث بيان السبب المبيح للجمع وهو رفع الحرج عند الحاجة إليه كما نص عليه ابن عباس.
و ممن أجاز الجمع للحاجة ابن سيرين و ابن المنذر على أن لا يتخذ عادة و اختاره شيخ الإسلام من الحنابلة و قال:
” و أوسع المذاهب في الجمع بين الصلاتين مذهب الإمام أحمد فإنه نص على أنه يجوز الجمع للحرج و الشغل ”
مجموع الفتاوى ( 24 صفحة 30 )
وعلى ذلك نقول إن كان الجمع بين الصلاتين سببًا في تقليل إمكانية انتشار العدوى بين الناس وكذلك إذا كان سببًا في تمكين المصلين من كسب أجر الجماعة لأنه في بعض البلدان يمنع التنقل في الليل أو يقيد اجتماع الناس بعدد قليل جداً من المصلين فلا حرج حينها من الجمع بين الصلاتين في المسجد.
وكذلك إن كان في البلد حظر تجول وكان الجمع بين الصلاتين يمكن الناس من كسب أجر الجماعة أو في الجمع رفع للحرج عنهم في التنقل، أو كان ترددهم على المسجد فيه خوف عليهم فلهم حينئذ الجمع .
وإن لم تكن ثمة حاجة ظاهرة ومصلحة راجحة فلهم والحال كذلك الصلاة في بيوتهم على وقتها وهم معذورون،
من حضور الجماعة ولا يجمع للصلاة إلا في المسجد)
أما التعقيب، فأقول يا رعاك الله:
▪️إن الناس في هذا ليسوا سواء، لقد كان الناس في بداية انتشار الوباء أكثر تحفظًا،
وأكثر احتياطًا، وأقل جرأة على الاختلاط والتوسع في التعامل المباشر مع الآخرين،
وفي ظل هذا التحفظ كانت فتوى الجمع بين الصلاتين.
▪️ولكن مع طول الأمد، وعموم البلوى، تراجع هذا التحفظ، وقل هذا الاحتياط لدى كثير من الناس،
وأصبحوا يكادون يباشرون حياتهم اليومية بصورة طبيعية، [وكثرة الإمساس تضعف الإحساس] كما يقولون!
ولا يزال قليل منهم على احتياطه وتحفظه الأول.
▪️وعلى هذا فمن كان قد توسع منهم في الانتشار في الأسواق والاختلاط بالآخرين،
والتعامل المباشر معهم فلا يُجمل في حقه الجمع، إذا لا يُجمل أن يكون متوسعًا في كل شيء ولا يضيق على نفسه إلا فيما يتعلق بأداء الشعائر!
▪️ومن كان لا يزال على تحفظه الأول فللجمع بالنسبة له ما يسوغه، إذ الخوف من الأسباب المسوغة للجمع عند جمهور أهل العلم، فانظروا حال الناس عندكم، وقرروا في ضوئه بارك الله فيكم.
إن وضع الوباء لم يتغير إلا إلى الأسوء! وإن مسوغات الجمع التي وجدت، وفي ضوئها كانت فتوى الجمع لا تزال قائمة،
ولكن الذي تغير هو طريقة الناس في التعامل مع هذه الأزمة: ترخصًا وتوسعًا، ام تحفظًا واحتياطًا!
” ومناط الجمع هو الخوف، والرخصة تدور معه وجودًا وعدمًا”
✍هذا وباللهِ التوفيـق و الله أعـلىٰ وأعلـم
يمكنكم الإطلاع على المزيد من فتاوى الصلاة الخاصة بفضيلة الشيخ الدكتور صلاح الصاوي.
كما ويمكنكم متابعة كافة الدروس والمحاضرات والبرامج الخاصة بفضيلة الشيخ الدكتور صلاح الصاوي