كنت على سفر في يوم جمعة، ووصلت في وقت صلاة الجمعة إلى منطقة سكنية، ومكثت في استراحة فيها مسجد كبيرٌ اجتمع الناس فيها لصلاة الجمعة، وكان برنامج السفر أن أتوقف في هذا المكان قليلًا حتى أستقل طائرة وأذهب إلى مكان آخر لوقت بعد المغرب بقليل، وأغلب الظن أنه يصعب عليَّ الإتيان بصلاة العصر في وقتها قبل المغرب.
فاحترت في أمري: هل أترك الجمعة وأصليها ظهرًا ركعتين حتى يتسنى لي جَمْع العصر معها جمعَ تقديم قصرًا، أو أصلي الجمعة مع الناس؟ ولكن قال لي البعض بعدم جواز جمع العصر مع الجمعة. برجاء الإفادة بأفضل الحلول في مثل هذه المسألة.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في مشروعية الجمع بين الجمعة والعصر، فذهب الشافعية(1) إلى جواز ذلك، نص عليه النووي وغيره من فقهاء الشافعية. وخالف في ذلك الحنابلة(2) والمالكية فقالوا: لا يجمع مع الجمعة العصر؛ لأن السنة إنما وردت في الجمع بين الظهر والعصر، والجمعة ليست ظهرًا بل هي صلاة مستقلة في هيئتها وشروطها وأركانها فلا تجمع إليها العصر. والاحتياط ألا يجمع بينهما خروجًا من الخلاف. والله تعالى أعلى وأعلم.
ـــــــــــــــــــــ
(1) جاء في «المجموع» من كتب الشافعية (4/255-263): «(فرع) يجوز الجمع بين الجمعة والعصر في المطر ذكره ابن كج وصاحب البيان وآخرون».
(2) جاء في «الفروع» من كتب الحنابلة (2/96-99): «فيحتمل أن يكون مرادهم إذا جوزنا الجمع بين الجمعة والعصر، وجمع جمع تأخير، وتأخروا إلى آخر الوقت، لكن لم نطلع على كلام أحد من الأصحاب أنه قال ذلك».