أمي وزوجتي نذرتَا أن تذبحا عقيقةً إن زوجتي أنجبَت أبناءً، ورزقنا الله بولد وبنت، وقد نوينا أن نذبح عقيقةً شكرًا لله، ولكن أنا لي رأي مختلف عنهما حيث إن ذبح العقيقة ودعوة الناس جميعًا إلى الطعام ربما يُسبب الكثيرَ من الحرَج؛ حيث إن الأقرباء والجيران والفقراء كثيرين جدًّا عندنا، وهناك من الأقربين والأصدقاء من يُريد كميات خاصة، ولن نستطيع إرضاء الجميع، وقد يغضب منا البعضُ وربما يُسبِّب هذا الأمر حرجًا لي ولأسرتي، فكان لي رأيٌ أن نتصدَّق بثمنها للفقراء ونرتاح من هذا الإحراج. فأيهما في رأيك الأفضل؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن العقيقة هي ما يذبح عن المولود يوم سابعه شكرًا لله عز وجل.
ولا يُجزئ التصدُّق بثمنها، ولا تتحقق به السُّنة، وما ذكرت من تصدقك بثمنِها قد تُؤجر عليه باعتباره عملًا صالحًا، ولكن لا تتحقق به سُنَّةُ العقيقة، ولا يتحقق به الوفاء بنذرك.
وما ذكرت من حرجٍ ونحوه لا يصلح عذرًا في ترك الهديِ النبوي الصحيح، بل اتق الله ما استطعت، ومن رضي فله الرضا ومن سخط فعليه السخط(1). ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها(2). والله تعالى أعلى وأعلم.
___________________
(1) فقد أخرج الترمذي في كتاب «الزهد» باب «ما جاء في الصبر على البلاء» حديث (2396) ، وابن ماجه في كتاب «الفتن» باب «الصبر على البلاء» حديث (4031). من حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ عِظَمَ الْـجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ، وَإِنَّ الله إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ». وقال الترمذي: «حديث حسن غريب»، وحسنه ابن مفلح في «الآداب الشرعية» (2/ 181) ، وذكره الألباني في «السلسلة الصحيحة» حديث (146).
(1) قال تعالى:{ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 286].