مبيت جزء من الليل بمنى

هل يجوز أن أبقى في مِنى لوقت متأخر من الليل ثم أذهب للفندق بمكة متأخرًا، أي لا أبيت الليل كله. هل هذا جائز؟ وهل يجوز أن أذهب إلى الحج وعليَّ ديون؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فبالنسبة للسؤال الأول يشرع للحاج أن يقضي مُعظمَ الليل في منى، وبهذا يتحقق الواجب، ولا حرج في قضاء جزء من الليل في مكة إن كان ذلك أرفقَ به أو برفقته, فالمبيت في اللغة يطلق على من بات ولو جزءًا من الليل في مكان ما، فمن بقي جزءًا من الليل في منى بما يسمى في اللغة والعرف بياتًا فقد أتى بالمبيت.
وقد يستدل لذلك بما علقه البخاري بصيغة التمريض عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزور البيت كلَّ ليلة من ليالي منى، وله شاهد من حديث طاوس مرسلًا(1).
والحديث تكلم فيه أحمد لأن معاذ بن هشام رواه من كتاب أبيه وجادة ولم يسمعه منه. وقد صححه بعض المتأخرين كالشيخ الألباني وغيره(2).
فهذا الحديث يدلُّ على خروج النبي صلى الله عليه وسلم من منى إلى الحرم ليلًا، ثم عودته إلى منى، فيدل ذلك على عدم قضاء الليل كاملًا في منى.
وعند مالك في «المدونة»(3): أنه لا دم على من بات في غير منى ليالي منى، إلا أن يبيت ليلة كاملة أو جُلَّها؛ لأن الدم إنما يجب في المبيت عن منى، لا في الإقامة عنها بعض ليلة، بدليل ما روي من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المبيت في غير منى ليالي منى وأنه كان يزور البيت في كل ليلة من ليالي منى.
فلم يجعل مالك الرجل بايتًا عن منى إلا إذا أقام في غيرها جلَّ الليلة وهو أكثر من نصفه.
أما بالنسبة للذهاب إلى الحج لمن كان عليه دين؛ فإن الأمر يختلف باختلاف الديون:
فإن كان الدين حاضرًا فليس له أن يسافر إلا بإذن الدائن، وقضاء الدين يقدم في هذه الحالة على الحج.
أما إن كان مؤجلًا ولديه ما يوفيه منه في حينه فلا حرج في ذهابه إلى الحج، ولا يمنعه مثل ذلك الدين من الحج. والله تعالى أعلى وأعلم.

—————————–

(1) أخرجه البخاري في كتاب «الحج» باب «الزيارة يوم النحر».
(2) «السلسلة الصحيحة» (804).
(3) جاء في «المدونة» (1/429): «إن بات ليلة كاملة في غير منى أو جلها في ليالي منى فعليه دم، وإن كان بعض ليلة فلا أرى عليه شيئا».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   06 المناسك

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend