قص الشعر والأظفار لمن أراد أن يضحي

أريد أن أذبح في العيد، بمعنى أضحي، وأيضًا أصوم التسع، لكن ليس بوسعي أن أمتنع عن قص الأظافر والشعر. فهل يلزمني ذلك، أو آثم على فعل ذلك؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن جمهور أهل العلم على استحباب تَرْك قصِّ الشعر أو الأظفار لمن يريد الأضحية إذا دخل العشر الأوائل من ذي الحجة(1)، وذهب الحنابلة إلى تحريم ذلك(2)؛ وذلك لحديث أم سلمة ل: أن النبيَّ ﷺ قال: «إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْـحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعَرِهِ وَأَظْفَارِهِ»(3).
وحملوا النهي الوارد في الحديث على التحريم، وحمله الجمهور على الكراهة؛ لحديث عائشة ل: كان رسول الله ﷺ يُهدي من المدينة، فأفتل قلائدَ هَدْيه، ثم لا يجتنب شيئًا مما يجتنبه المُحْرِم(4).
ويَجمُل بمن يريد الأضحية أن يخرج من خلاف العلماء، ويمتنع عن قصِّ شعره وأظفاره، ولكن إذا كان لا يستطيع ذلك، أو عرضت له حاجة ماسة، فلا يجوز أن يترك الأضحية لأجل خوفه من قص شعره وأظفاره، فَلْيُضَحِّ، وأرجو أن تكون له رخصةٌ في الأخذ من شعره أو أظفاره عند الحاجة، اعتبارًا لما قاله جمهور العلماء من أن النهي على الكراهة، والكراهة تزول عند الحاجة. والله تعالى أعلى وأعلم.

____________________

(1) جاء في «حاشية ابن عابدين» من كتب الحنفية (2/177-181): «وفي المضمرات عن ابن المبارك في تقليم الأظفار وحلق الرأس في العشر أي عشر ذي الحجة قال: لا تؤخر السنة. وقد ورد ذلك ولا يجب التأخير. ا هـ. ومما ورد في صحيح مسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا دخل العشر وأراد بعضكم أن يضحي فلا يأخذن شعرًا ولا يقلمن ظفرا» فهذا محمول على الندب دون الوجوب بالإجماع».
وجاء في «منح الجليل» (2/473-474): «(و) ندب (ترك حلق) لشعر من جميع البدن وقصه أو إزالته بنورة كذلك (و) ترك (قلم) لظفر (لمضح) أي مريد تضحية حيث يثاب عليها حقيقة أو حكما فيشمل المدخل في الضحية بالشروط، فيندب له ما يندب لمالكها من تركهما (عشر ذي الحجة) ظرف لترك وغايته إلى أن يضحي أو يضحى عنه أو ينيب في الذبح ويفعل».
جاء في «المجموع» من كتب الشافعية (8/358-364): « من أراد التضحية فدخل عليه عشر ذي الحجة كره أن يقلم شيئا من أظفاره وأن يحلق شيئًا من شعر رأسه ووجهه أو بدنه حتى يضحي».

(2) جاء في «شرح الزركشي» (7/8-9): «قال: ومن أراد أن يضحي فدخل العشر فلا يأخذ من شعره ولا بشرته (شيئًا)… وظاهر كلام الخرقي وابن أبي موسى والشيرازي وطائفة أن المنع من ذلك على سبيل التحريم، وهو أحد الوجهين، ونصره أبو محمد اعتمادًا على ظاهر الحديث».

(3) أخرجه مسلم في كتاب «الأضاحي» باب «نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة وهو مريد التضحية أن يأخذ من شعره أو أظفاره شيئًا» حديث (1977)، من حديث أم سلمة ل.

(4) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الحج» باب «فتل القلائد للبدن والبقر» حديث (1698)، ومسلم في كتاب «الحج» باب «استحباب بعث الهدي إلى الحرم لمن لا يريد الذهاب بنفسه واستحباب تقليده وفتل القلائد وأن باعثه لا يصير محرمًا ولا يحرم عليه شيء بذلك» حديث (1321)، من حديث عائشة.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   06 المناسك

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend