كيف يكون الحجر الأسود بهذا الاسم وقد نزل أبيض؟ وكيف سوَّدَتْه خطايا بني آدم؟ أفيدونا بالله عليكم أفادكم الله، ورعاكم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فقد صحَّ أن الحجر الأسود نزل من الجنَّة أشدَّ بياضًا من الثَّلج، فسوَّدَتْه خطايا بني آدم، وقد ذَكَر ذلك الألباني في «الصَّحيحة»(1)، كما صحَّ أيضًا أنه نزل من الجنَّة وهو أشدُّ بياضًا من اللبن فسوَّدته خطايا بني آدم(2)، وقد صحَّ أيضًا أن مَسْح الحجر الأسود والركن اليماني يَحُطَّان الخطايا حطًّا وقد ذكره الألباني في «صحيح الجامع»(3).
وإذا صحَّ الخبر عن الصَّادق المصدوق صلى الله عليه وسلم وجب اعتقادُه وقبوله، فإن تبيَّن لنا وجهه كان ذلك نورًا على نورٍ والحمد لله ربِّ العالمين، وإن كانت الأخرى سلَّمنا به وفوَّضنا عِلمه إلى الله عز وجل ، فهذا هو شأن المؤمنين بالله عز وجل يعملون بمُحكَمه ويُفوِّضون في متشابهه.
ويذكر الدكتور زغلول النجار أن المستشرقين عندما قرءوا هذه الأحاديث النَّبويَّة ظنُّوا الحجر الأسود قطعةً من البازلت الذي جرفته السيول وألقت به إلى منخفض مكة، ولذلك حاولت الجمعيَّة الملكية الجغرافية البريطانية التأكُّد من ذلك وإثباته، فاستأجرت ضابطًا اسمه ريتشارد فرانسيس بيرتون، الذي جاء إلى الحجاز في هيئة حاجٍّ أفغاني في منتصف القرن التاسع عشر، وبالتحديد عام 1853م، وسرق جزءًا من الحجر الأسود وفرَّ به إلى بريطانيا، وبدراسة العيِّنة ثبت أنها من أحجار السماء، لأنها تُشبه أحجار النَّيازك، وإن تميَّزت بتركيبٍ كيميائي ومعدنيٍّ خاص، وكان هذا الاكتشاف سببًا في إسلامه، وسجَّل قصَّته في كتابٍ من جزأين أسماه «رحلة إلى مكة». واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
_________________
(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (1/307) حديث (2796)، وابن خزيمة في «صحيحه» (14/219) حديث (2733)، من حديث ابن عباس ب، وذكره الألباني في «السلسلة الصحيحة» (2618).
(2) أخرجه الترمذي في كتاب «الحج» باب «ما جاء في فضل الحجر الأسود والركن والمقام» حديث (877) من حديث ابن عباس ب، وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح».
(3) أخرجه ابن حبان في «صحيحه» (9/11) حديث (3698)، وعبد الرزاق في «مصنفه» (5/29) حديث (8877)، من حديث ابن عمر رضي الله عنه ، وذكره الألباني في «صحيح الجامع» (3957).