هل مكةُ كلُّها حَرَمٌ؟ ومع العلم بأنه ينبغي للمشركين ألا يقربوا المسجد الحرام. فما حدود ذلك القرب؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فللحرم المكيِّ حدودٌ معروفةٌ، وقد وُضعت عليها من قِبَل السلطات الحاكمة في بلاد الحرمين علاماتٌ تُميِّزُها، وذلك من خمس جهاتٍ تُحيط بمكة.
فحدُّه من جهة الشَّرْقِ الجعرانةُ على بعد ستة عشر كيلو مترًا من مكة، وحدُّه من جهة الغرب مع ميلٍ قليل إلى الشمال من جهة جدة الحديبيةُ وتُسمَّى الشميسي على بعد خمسة عشر كيلو مترًا من مكة، وحدُّه من جهة الشمال الشرقي (العراق) وادي نخلة على بُعد أربعة عشر كيلو مترًا من مكة، وحدُّه من جهة الشمال (التنعيم) على طريق المدينة على بعد ستة كيلو مترات من مكة، وحدُّه من جهة الجنوب إضاه (كنواه) على طريق اليمن على بعد اثني عشر كيلو مترًا من مكة.
والأعلام الموجودة كدليلٍ على حدود الحرم هي عبارةٌ عن أحجارٍ متقنة منحوتة مرتفعة نحو مترٍ، ومن أهل العلم مَن أشار إلى هذه الحدود بالعلامة والأمارة كما فعل الخَرَشيُّ في «شرحه على مختصر خليل» حيث قال: «يعني أن الحرمَ يُعرف أيضًا بأن سيل الحل إذا جرى إليه لا يدخله، وسيلُه إذا جرى يخرج إلى الحلِّ ويجري فيه»(1).
ولا ينبغي أن يُمكَّن المشركون من الحرم؛ لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 28]. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
________________
(1) «شرح مختصر خليل» للخرشي (2/363).