هل يجوز لأختين سافرتا معًا إلى السعودية بدون محرم للعمل عند أميرة كمُدرستين لطفلها- أن تؤديا معًا فريضة الحج ضمن وفد عاملات كل الأمراء؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في اشتراط المحرم للمرأة في الحج: فمنهم من جعله شرطًا واعتبره جزءًا من الاستطاعة التي أنيط بها وجوب الحج، وهو قول الحنفية والحنابلة، ومن أدلتهم على ذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلَّا مَعِ ذِي مَحْرَمٍ».
وعن ابن عباس ب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ وَلَا تُسَافِرْ الْـمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ». فقام رجل فقال: يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجَّة وإني اكْتُتِبْتُ في غزوة كذا وكذا. قال: «انْطَلِقْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ».
وذلك لأن المرأة لا تقدر على الركوب والنزول بنفسها، فتحتاج إلى من يُركبها ويُنزلها، ولا يتأتى ذلك إلا مع الزوج، أو المحرم.
ومنهم من لم يعتبره شرطًا، وهو قول الشافعية، بل يكفي وجود النسوة الثقات، حتى لو فرض وجود الزوج والمحرم القادرين على السفر معها، وهذا هو المشهور من المذهب؛ لأن الرفقة تقطع الأطماع فيهن، ولأنه سفر واجب لا يشترط له المحرم، كالمسلمة إذا تخلصت من أيدي الكفار، وكالسفر لحضور مجالس الحاكم، واستدلوا على ذلك بحديث عدي بن حاتم الطائي، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «هَلْ رَأَيْتَ الْـحِيرَةَ؟». قلت: لَمْ أَرَهَا، وَقَدْ أُنْبِئْتُ عَنْهَا. قَالَ: «فَإِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الْـحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بالْكَعْبَةِ لَا تَخَافُ أَحَدًا إِلَّا اللهَ». الحديث.
وتوسط المالكية فذهبوا إلى وجوب وجود الزوج، أو المحرم، فإن لم يوجدا أو وُجدا لكن امتنعا أو عجزا عن مرافقتها فرفقة مأمونة.
والذي يظهر لنا أن هذا هو أعدل الأقوال في هذه المسألة؛ لأنه يجمع بين أدلة الطرفين؛ فقد أذن عمر لنساء النبي صلى الله عليه وسلم في الخروج إلى الحج في رفقة مأمونة بعد تردده في ذلك، وكان هذا على محضر من الصحابة، فانعقد ما يشبه الإجماع على ذلك.
وعلى هذا فالذي يظهر أن السفر مع مثل هذه العائلات يُعد رفقة مأمونة يشرع الحج معها إذا كانت هذه الحجة هي حجة الإسلام، وتوصى المرأة في هذه الحالة بتقوى الله عز وجل، وتجنب الاختلاط، والالتزام بالصيانة والعفاف. ونسأل الله لنا ولها القبول. والله تعالى أعلى وأعلم.
حج المرأة بدون محرم
تاريخ النشر : 30 يناير, 2012
التصنيفات الموضوعية: 06 المناسك