شيوخنا الأفاضل، جزاكم الله عنا كلَّ خير.
ما حكم استخدام الحاج للموبايل وتحدُّثه به في أثناء طوافه بالبيت الحرام وفي أثناء سعيه بين الصفا والمروة، ومن المعلوم أن من يكون في طوافٍ كأنه في صلاة، والتحدث في أثناء الصَّلاة من مبطلاتها، فهل ينطبق هذا أيضًا على الطواف والسعي؟ وجزاكم الله عنا خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الطواف صلاة غير أنه أُبيح فيه الكلام(1)، فلا حرج في الكلام في أثناء الطواف، سواء أكان ذلك من خلال الموبايل أم كان مباشرة، على ألا يستغرق في ذلك، وأن يذكر أنه في عبادة لا ينبغي أن يشوبها بشواغل الحياة وصوارفها، ولكن من تكلَّم بخير ولم يُخرجه كلامُه إلى اللغو الممنوع فطوافه صحيح ولا شيء عليه.
أما السَّعْي فإن الأمر فيه أوسع، فإنه ليس من جنس الصَّلاة، ولهذا لا تُشترط فيه الطهارة، ولكنه شعيرة من شعائر الحج ينبغي عليه أن يجمعَ همته فيها على الذِّكر والدُّعاء والاستغفار، وحَرِيٌّ بالطائف والساعي أن يشغل وقته بذكر الله والدُّعاء وتلاوة القرآن والصَّلاة والسَّلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، دون اشتغال بأمور الدُّنيا. ونسألُ اللهَ لنا وله القبول. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
_______________
(1) فقد أخرج أحمد في «مسنده» (3/414) حديث (15461)، والنسائي في كتاب «مناسك الحج» باب «إباحة الكلام في الطواف» حديث (2922) عن طاوس عن رجل أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّمَا الطَّوَافُ صَلَاةٌ فَإِذَا طُفْتُمْ فَأَقِلُّوا الْكَلَامَ»»، وذكره ابن حجر في «تلخيص الحبير» (1/130) وقال: «هذه الرواية صحيحة»، وذكره ابن الملقن في «البدر المنير» (2/497) وقال: «جميع رواته ثقات».