اشتريتُ عجلًا منذ سنة وشهر تقريبًا، وكان عمره يومئذٍ في حدود خمسة أو ستة أشهر، وقد بلغ الوزن الآن في حدود أربعمائة كيلوجرامات. فهل يجوز ذبحه كأضحية؟ وهل التقيد بالسنتين كسنٍّ للعجول واجب أم مستحب؟ جزاكم اللهُ خَيْرًا ونفع الله بكم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن السِّنَّ الذي ذكره أهل العِلْمِ واشترطوه للأضحية على سبيل الوجوب وليس على سبيل الاستحباب؛ فقد روى البخاري ومسلم عنِ البَرَاءِ بن عازِبٍ ب قال: ضحَّى خالٌ لي يُقال له: أبو بُرْدةَ. قبل الصَّلاة، فقال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : «شَاتُكَ شَاةُ لَـحْمٍ». فقال: يا رسولَ الله، إن عندي داجِنًا جَذَعَةً من الْـمَعز. وفي رواية: عَنَاقًا جَذَعَةً(1). وفي رواية للبخاري: فإن عندي جَذَعَةً هي خيرٌ من مُسِنَّتَيْنِ- آذْبَحُهَا؟(2). قال: «اذْبَحْهَا، وَلَنْ تَصْلُحَ لِغَيْرِكَ»(3). وفي رواية: «لَا تُجْزِئ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ»(4). وفي رواية: ««وَلَنْ تُجْزِئَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ»»(5). وهذا قَطْعًا ينفي أن تكون مُجْزِئَةً عن أحدٍ بعده، ويدلُّ قطعًا على اعتبار السنِّ في الأضحية، وعلى أنها لا تُجزئ قطعًا لأحدٍ بعده.
وقد روى مسلم عن جَابِر رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : ««لَا تَذْبَحُوا إِلا مُسِنَّةً إِلا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ»»(6). ففي هذا الحديث التصريح بأنه لابُدَّ من ذبح مُسِنَّة، إلا في الضأن فيُجزئ الجذعة.
قال النووي في «شرح مسلم»: «قال العلماء: المسنة: هي الثنية من كلِّ شيءٍ من الإبل والبقر والغنم فما فوقها، وهذا تصريح بأنه لا يجوز الجذع من غير الضأن في حالٍ من الأحوال». انتهى(7).
وقال في «المجموع»: «أجمعت الأُمَّة على أنه لا يُجزئ من الإبل والبقر والمعز إلا الثني، ولا من الضأن إلا الجذع»(8).
وقال ابن قدامة: «ولا يُجزئ إلا الجذع من الضأن والثني من غيره»(9).
وجاء في فتاوى اللجنة الدَّائمة ببلاد الحرمين: دلَّتِ الأدلة الشَّرْعية على أنه يُجزئ من الضأن ما تمَّ ستةَ أشهر، ومن المَعْز ما تمَّ له سنةٌ، ومن البقر ما تمَّ له سنتان، ومن الإبل ما تمَّ له خمس سنين، وما كان دون ذلك فلا يُجزئ هَدْيًا ولا أضحيَّةً.
وهذا هو المستيسر من الهدي؛ لأن الأدلة من الكتاب والسنة يُفسِّر بعضها بعضًا؛ فما لم يبلغ عجلك سنتين فإنه لا يُجزئ في الأضحية. زادك اللهُ حرصًا وتوفيقًا، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
______________________
(1) أخرجها أبو داود في كتاب «الضحايا» باب «ما يجوز من السن من الضحايا» حديث (2800) من حديث البراء بن عازب ب، وصححها الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (2800).
(2) أخرجها البخاري في كتاب «الأضاحي» باب «من ذبح قبل الصلاة أعاد» حديث (5563) من حديث البراء بن عازب ب.
(3) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الأضاحي» باب «قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بردة: ضح بالجَذَع من الـمَعْز ولن تجزي عن أحد بعدك» حديث (5556)، ومسلم في كتاب «الأضاحي» باب «وقتها» حديث (1961).
(4) أخرجها الدارمي في كتاب «الأضاحي» باب «في الذبح قبل الإمام» حديث (1962) من حديث البراء بن عازب ب.
(5) أخرجه مسلم.
(6) أخرجه مسلم في كتاب «الأضاحي» باب «سن الأضحية» حديث (1963).
(7) «شرح النووي على صحيح مسلم» (13/117).
(8) «المجموع» (8/286).
(9) «المغني» (3/295).