عدية يس

يوجد شخص أمامنا، أهدمُ له السورَ الخاص به، حيث يفتح شبابيكه أمامنا، وكلما يبنيها أهدمها له، فقال: إنه سوف يقرأ عدية يس.
ولذلك أريد أن أعرف: هل هي حقيقة أم بدعة؟ وما أضرارها عليَّ؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الذي تخاف مضرَّته وشؤمه هو الظلم ودعوة المظلوم، وليس ما يُسمَّى «عدية يس»، فلا أعرف في الشرع المطهر ما يسمى «عدية يس»، ومن قرأ شيئًا من ذلك فقُضيت حاجته أو انتصر له من ظالمه فمردُّه إلى ما قام بقلبه من الافتقار إلى الله {#emotions_dlg.azz}، لا إلى ما قرأه مما يسمى بـ«عدية يس».
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: «ثم سبب قضاء حاجة بعض هؤلاء الداعين الأدعيةَ المحرمة: أن الرجلَ منهم قد يكون مضطرًّا اضطرارًا لو دعا الله بها مشركٌ عند وثنٍ لاستُجيب له؛ لصدق توجُّهه إلى الله، وإن كان تحرِّي الدعاء عند الوثن شركًا…».
ثم يقول: «ومن هنا يغلط كثيرٌ من الناس؛ فإنهم يبلغهم أن بعضَ الأعيان من الصالحين عبدوا عبادةً أو دَعَوْا دعاءً، ووجدوا أثر تلك العبادة وذلك الدعاء، فيجعلون ذلك دليلًا على استحسان تلك العبادة والدعاء، ويجعلون ذلك العمل سُنَّة، كأنه قد فعله نبيٌّ؛ وهذا غلطٌ؛ لما ذكرناه، خصوصًا إذا كان ذلك العمل إنما كان أثره بصدقٍ قام بقلب فاعله حين الفعل، ثم تفعله الأتباعُ صورةً لا صدقًا، فيُضَرون به؛ لأنه ليس العملُ مشروعًا فيكون لهم ثواب المُتَّبعين، ولا قام بهم صدقُ ذلك الفاعل، الذي لعله بصدق الطلب وصحة القصد يكفر عن الفاعل»(1).
نقول: ليس هناك ما يسمى بـ«عدية يس»، ولكن هناك دعوة المظلوم التي ليس بينها وبين الله حجاب(2).
فراجع نفسك فيما تهدمه له، فإن كان هذا حقًّا لك فلا ضرر عليك مما يقول، وإن كان بغيًا فاحذر دعاءه عليك؛ فإنه سهامٌ مسمومة.
واذكر وصيةَ نبيِّك ﷺ بالإحسان إلى الجار(3)، ومن قبل ذلك ما جاء في كتاب ربِّك {#emotions_dlg.azz}، قال تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا﴾ [النساء: 36].
أسأل الله تعالى أن يُلهمك رشدك، وأن يأخذ بنواصينا جميعًا إلى ما يحبه ويرضاه. والله تعالى أعلى وأعلم.

________________

(1) «اقتضاء الصراط المستقيم» ص350.

(2) فقد أخرج الترمذي في كتاب «الدعوات» باب «في العفو والعافية» حديث (3598)، وابن ماجه في كتاب «الصيام» باب «في الصائم لا ترد دعوته» حديث (1752)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال: «دَعْوَةُ الْـمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللهُ فَوْقَ الْغَمَامِ وَيَفْتَحُ لَهَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ وَيَقُولُ الرَّبُّ: وَعِزَّتِي لَأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ»، وقال الترمذي: «هذا حديث حسن».

(3) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «الأدب» باب «الوصاة بالجار» حديث (6015)، ومسلم في كتاب «البر والصلة والآداب» باب «الوصية بالجار والإحسان إليه» حديث (2625) من حديث ابن عمر ب، أن رسول الله ﷺ قال: «لَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُورِّثُهُ».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   01 القرآن الكريم وعلومه, 03 الجنائز

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend