توفي والدي وأنا حائض، فهل لي أن أصلي عليه بعد الدفن كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم على كناسة المسجد بعد انقضاء حيضتي وإن مضت أيام؟ أفيدونا مأجورين.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فهذه القضية من مسائل النظر بين أهل العلم، والصواب أن من فاتته الصلاة على ميته صلى على قبره، لما ثبت في الصحيحين عن أبي هُرَيْرةَ أَنَّ رَجلًا أَسْودَ أو امْرَأَةً سَوْدَاءَ كانَ يَقُمُّ المسجدَ، فَمَاتَ فَسألَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ فَقَالُوا: مَاتَ. قَالَ: «أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ؟ دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ». أَوْ قَالَ: «قَبْرِهَا»، فَأَتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا(1).
وليس هذا خاصًّا بالنبي صلى الله عليه وسلم لما ثبت في الصحيحين أيضًا؛ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا- واللفظ للبخاري- قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ بَعْدَمَا دُفِنَ بِلَيْلَةٍ قَامَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَكَانَ سَأَلَ عَنْهُ فَقَالَ: «مَنْ هَذَا؟» فَقَالُوا: فُلَانٌ دُفِنَ الْبَارِحَةَ، فَصَلَّوْا عَلَيْهِ(2). وفي لفظ مسلم: صَلَّى عَلى قَبْر بَعْدَمَا دُفِنَ، فَكَبَّر عَلَيْهِ أرْبَعًا(3). والله تعالى أعلى وأعلم.
———————————-
(1) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الصلاة» باب «كنس المسجد والتقاط الخرق والقذى والعيدان» حديث (458)، ومسلم في كتاب «الجنائز» باب «الصلاة على القبر» حديث (956).
(2) أخرجه البخاري في كتاب «الجنائز» باب «الدفن بالليل» حديث (1340).
(3) أخرجه مسلم في كتاب «الجنائز» باب «الصلاة على القبر» حديث (954).