هل يصلَّى على السِّقْطِ مع عدم التأكُّد من حياته؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإنه يصلى على السِّقط عند الحنابلة(1) إذا بلغ أربعةَ أشهر فصاعدًا، ومن الأدلة على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «وَالسِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْـمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ»(2).
قال ابن المنذر: «أجمع أهلُ العلم على أن الطفل إذا عُرفت حياته، واستهلَّ- صُلي عليه. وإن لم يستهل، فقال أحمد: إذا أتى له أربعة أشهر غسل وصُلي عليه»(3). انتهى.
وقد جاء في كتاب «مسائل الإمام أحمد» التي رواها ابنه عبد الله: «سمعت أبي سئل عن المولود: متى يصلى عليه؟ قال: إذا كان السِّقط لأربعة أشهر صُلِّي عليه، قيل: يصلى عليه وإن لم يستهل؟ فقال: نعم».
وقال في «المغني»: «أجمع أهل العلم على أن الطِّفل إذا عُرفت حياته واستهلَّ- يصلى عليه. أما إذا لم يستهل: قال الإمام أحمد رحمه الله: إذا أتى له أربعة أشهر غُسِّل وصلي عليه، وهذا قول سعيد بن المسيب، وابن سيرين، وإسحاق، وصلى ابن عمر على ابن لابنته ولد ميتًا»(4).
وعلل صاحب «المغني» الصلاة عليه مع الشك في حياته: «بأن الصلاة عليه دعاء له ولوالديه وخيرٌ؛ فلا يحتاج إلى الاحتياط واليقين لوجود الحياة بخلاف الميراث»(5).
وخالف في ذلك الجمهور(6) فلا يرون الصلاةَ على السقط إذا خرج ميتًا.
قال النووي في «المجموع»: «قال العبدري: إن كان له دونَ أربعة أشهر لم يصلَّ عليه بلا خلاف، وإن كان له أربعة أشهر ولم يتحرك لم يصل عليه عند جمهور العلماء، وقال أحمد وداود رحمهما الله: يصلى عليه»(7). انتهى.
وقد سئلت دار الإفتاء المصرية (هل تجب صلاة الجنازة على السقط؟)
فأجابت ( إذا ظهرت على السقط علامات الحياة كالصياح أو التحرك، يجب الصلاة عليه، وإلا فلا.)
وأما إذا لم يبلغ أربعةَ أشهر: فإنه لا يغسل ولا يصلى عليه، بل يلف في خرقة ويدفن، وذلك لأنه لا ينفخ فيه الروح إلا بعد أربعة أشهر، وقبل ذلك فلا يكون نسمة فلا يصلى عليه كالجمادات والدم. والله تعالى أعلى وأعلم.
_______________
(1) جاء في «كشاف القناع» (2/101): « (وإذا ولد السقط لأكثر من أربعة أشهر) أي: لأربعة أشهر فأكثر (غسل وصلي عليه )».
(2) أخرجه أبو داود في كتاب «الجنائز» باب «المشي أمام الجنازة» حديث (3180) من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، وذكره الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (3180).
(3) «الإجماع» ص42.
(4) «المغني» (2/389).
(5) «المغني» (2/389).
(6) جاء في «تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق» (1/243) من كتب الحنفية: « (ومن استهل صلي عليه) والاستهلال أن يكون منه ما يدل على حياته من رفع صوت أو حركة عضو وحكمه أن يغسل ويسمى ويصلى عليه… (وإلا لا) أي، وإن لم يستهل لا يصلى عليه».
وجاء في «عقد الجواهر الثمينة» (1/188) من كتب المالكية: « ولا يصلى على السقط الذي لم يستهل صارخا».
وجاء في «روضة الطالبين وعمدة المفتين» (2/117) من كتب الشافعية: « السقط له حالان. أحدهما: أن يستهل أو يبكي ثم يموت، فهو كالكبير. الثاني: أن لا تتيقن حياته باستهلال ولا غيره، فتارة يعرى عن أمارة، كالاختلاج ونحوه، وتارة لا يعرى، فإن عري، نظر، إن لم يبلغ حدا ينفخ فيه الروح، وهو أربعة أشهر فصاعدا، لم يصل عليه قطعا، ولا يغسل على المذهب. وقيل: في غسله قولان. وإن بلغ أربعة أشهر، صلي عليه في القديم، ولم يصل في الجديد، ويغسل على المذهب».
(7) «المجموع» (5/214-217).