الصفة الشرعية للقبر

توفيت الوالدة، ويريد الوالد استشارتكم في كيفية إحاطة القبر، علمًا بأنها دفنت في مكان مائل معرض لسيل مياه الأمطار، قد يؤدي إلى انجراف القبر، نريدكم أن تفتونا بما أوصى به الله في مسألتنا. تقبلوا منا فائق الاحترام والتقدير.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن الصفة الشرعية للقبر أن يرفع قدر شبر فقط، ليعرف أنه قبر، ويسنم، والتسنيم للقبر أفضل من تسطيحه؛ لقول سفيان التمار: «رَأَيْتُ قَبْرَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم مُسَنَّمًا».
ولا يرفع القبر فوق هذا القدر؛ لما روى الجماعة إلا البخاري أن عليًّا رضي الله عنه بعث أَبَا الهيَّاج الأسدي وقال: «أَلَا أَبْعَثُكَ عَلى مَا بَعَثَنِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: لَا تَدَعْ تِمْثَالًا إِلَّا طَمَسْتَهُ، وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إِلَّا سَوَّيْتَهُ».
وعن القاسم بن محمد قال: قلت لعائشة: يَا أُمَّاهُ، اكْشِفِي لِي عَنْ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَصَاحِبَيْهِ، فَكَشَفَتْ لِي عَنْ ثَلَاثَةِ قُبُورٍ لَا مُشْرِفَةٌ، وَلَا لَاطِئَةٌ، مَبْطُوحَةٌ بِبَطْحَاءِ الْعرصَةِ الحَمْرَاءِ.
ويكره البناء على القبر وتجصيصه والكتابة عليه، والتجصيص هو أن يبيض أي يطلى بالجص، وهو الجبس ونحوه، ومثله النقش عليه وتزويقه، وقد ذكر ابن عبد الحكم في البناء على القبر إذا أوصى الميت بذلك أن وصيته لا تنفذ، وعليه يجب هدم ما بُني على القبور من القباب والسقائف والروضات ما لم تحدث مفسدة بذلك.
وأما الكتابة على القبر مثل كتابة آيات من القرآن، أو شاهد فيه اسم المتوفي وغير ذلك فيكره عند الجمهور، ودليل ذلك ما رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه أنه قال: نَهَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ، وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ، وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ.
ويعلَّم القبر بنحو حجر أو حصى؛ لما روى الشافعي مرسلًا: أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم وَضَعَ الْـحَصَا عَلَى قَبْرِ ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ.
وقد وضع النبي صلى الله عليه وسلم صخرةً عند رأس عثمان بن مظعون وقال: «أَتَعَلَّمُ بِهَا قَبْرَ أَخِي لِأَدْفِنَ إِلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِي».
هذه هي الصفة الشرعية أيها الحبيب، ولا ينبغي أن يخرج عن شيء من ذلك فيما يتعلق بالبناء، إلا لضرورة تتعلق بالمكان، على أن تقدر الضرورة بقدرها. ونسأل الله لنا ولكم العافية، والله تعالى أعلم.
تلقين الميت بعد الدفن

تاريخ النشر : 30 يناير, 2012
التصنيفات الموضوعية:   03 الجنائز

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend