الحداد والبكاء على الميت هل يعذب به؟

هل الثوب الأسود يعذِّب الميت وهل البكاء عليه يعذبه؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فـ«لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ على مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلا على زَوْجٍ؛ فَإِنَّهَا تُحِدُّ عليه أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا»(1).
ولا حرج في البكاء على الميت، فإن الله لا يعذب بحزن القلب، ولا بدمع العين، وإنما يعذب باللسان(2). أي بالنياحة، وما يصحبها من عبارات الجزع والتسخُّط على المقدور.
والميت إذا لم يُوصِ بهذا فلا يعذَّب به؛ لأن الله تعالى قال: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]، إلا إذا كان يَعلم من عادة قومه أنهم يفعلون ذلك بموتاهم، فيلزمه أن يتبرأ من ذلك في وصيَّته قبل موتِه، وإلا كان مشاركًا لهم في الوزر. والله تعالى أعلى وأعلم.

___________________

(1) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «الجنائز» باب «إحداد المرأة على غير زوجها» حديث (1280)، ومسلم في كتاب «الطلاق» باب «وجوب الإحداد في عدة الوفاة وتحريمه في غير ذلك إلا ثلاثة أيام» حديث (1486)، من حديث أم حبيبة رضي الله عنها.

(2) ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «الجنائز» باب «البكاء عند المريض» حديث (1304)، ومسلم في كتاب «الجنائز» باب «البكاء على الميت» حديث (924) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: اشتكى سعدُ بن عُبَادة شكوى له، فأتى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يعوده مع عبدِ الرحمن بن عوفٍ وسعدِ بن أبي وقاصٍ وعبدِ الله بن مسعودٍ، فلما دخل عليه وجده في غشيته، فقال: «قَدْ قَضَى». فقالوا: لا والله يا رسول الله. فبكى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأى القومُ بكاءَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بَكَوْا، فقال: «أَلَا تَسْمَعُونَ؟ إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ، وَلَا بِحُزْنِ الْقَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا- وأشار إلى لسانه- أو يَرْحَمُ».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   03 الجنائز

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend