الســـــؤال:
عندي سؤال حول مسألة التبني وأريد أن أعرف إجابته
هل حلال ان أربى طفلا ذكرًا (احتضاناً من مؤسسه) ، وعند البلوغ احتجب عليه مع إني أنا من رباه؟
أو طفله أنثى وتحتجب على زوجي عند بلوغها ما هو الحكم الشرعي في الحالة؟
وكيف أكفله وأربيه ثم أحتجب منه عند البلوغ، وهو بمثابة إبني؟!
الجـــــواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
❐ فإن أجر كفالة اليتامى أو اللقطاء أجر عظيم، فقد جعل النبيﷺ كفالة اليتيم سبباً لمرافقته في الجنة،
فقد روى البخاري عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله ﷺ:
” وأنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا – وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً“. رواه البخاري (4998)
❐أما بالنسبة للخلطة فلا يزال اجنبيًا، والخلطة والتربية لا تنشئ المحرمية، ولا تجيز بذاتها الخلطة والتكشف،
ولا تمنع بذاتها الفتنة!
وقد راينا ما كان من امراة العزيز، فقد ربت يوسف عليه السلام، ثم آل بها الامر الى ان علقته وشغفها حبا!
ثم غلقت الابواب وقالت هيت لك!!
▪️ولكن لو أرضعته لصار ولداً لك من الرضاعة، ولو أرضعته أخت لك مثلاً لصار ابناً لأختك من الرضاعة،
حتى ولو استدر اللبن بطريق طبي، وبهذا ينتفي المحذور من الخلطة لوجود المحرمية،
فإنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، كما أخبر بذلك النبي ﷺ.
▪️والتحليل والتحريم يا بنيتي مرده إلى الشرع المطهر وليس إلى الهوى والتشهي،
فالحلال ما احله الله ورسولهﷺ والحرام ما حرمه الله ورسوله ﷺوالدين ما شرعه الله ورسولهﷺ، قال تعالى:
(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا)
وبهذه المناسبة يجدر التنبيه إلى التفريق بين الكفالة والتبني،
كفالة الأيتام واللقطاء منقبة عظيمة ولكن تبنيهم وإعطاءهم النسب خطيئة عظيمة!
ثبت تحريمها نصًا في كتاب الله عز وجل!
قال تعالى فى سورة الأحزاب :(وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ ۖ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ
وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ ۚ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ ۚ
وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا )
والتبني أن يتخذ الرجل يتيماً من الأيتام أو لقيطاً من اللقطاء فيجعله كأحد أبنائه الذين هم من صلبه ويدعى باسمه،
ولا تحل له محارم ذلك الرجل، فأولاد المتبني إخوة لليتيم أو اللقيط، وبناته أخوات له وأخواته عماته وما أشبه ذلك.
وقد حرم الله تعالى التبني لما يتضمنه من تضييع للأنساب التي جاءت الشريعة بحفظها،
فإن حفظ النسب أحد مقاصد الشريعة، فعن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع النبي ﷺ يقول:
” ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر ومن ادَّعى قوما ليس له فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار “. (متفق عليه)
ولا يرخص في التبني الصوري القانوني إلا تحت وطأة الاضطرار عندما يتعين سبيلاً وحيداً إلى الكفالة والرعاية،
وسبيلاً وحيداً إلى المحافظة على أصل الدين لهؤلاء اليتامى أو اللقطاء.
جاء في قرار لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا حول تبني المهجرين من أطفال المسلمين خارج ديار الإسلام ما يلي:
[المحور التاسع: حول تبني المهجرين من أطفال المسلمين خارج ديار الإسلام:
أكد القرار على ضرورة كفالة اللقطاء واليتامى، وبين ما فيها من القربة والثواب الجزيل،
وفرق بين الكفالة المشروعة والتبني بمفهومه الجاهلي الذي ينسب فيه الولد إلى غير أبيه،
فيبين أن التبني على هذا النحو من المحرمات القطعية في الشريعة الإسلامية،
ولكنه إذا تعين سبيلًا لاستنقاذ المهجرين من أبناء المسلمين خارج ديار الإسلام من أخطار تبني الجمعيات غير الإسلامية لهم فإنه يرخص في ذلك بشكل صوري،
على أن تتخذ الإجراءات العملية التي تحصر هذه العلاقة في حدود الكفالة وتحول دون الإختلاط في الأنساب.]
هذا وباللهِ التوفيـق و الله أعـلىٰ وأعلـم
يمكنكم الإطلاع على المزيد من فتاوى الأسرة المسلمة الخاصة بفضيلة الشيخ الدكتور صلاح الصاوي
كما ويمكنكم متابعة كافة الدروس والمحاضرات والبرامج الخاصة بفضيلة الشيخ الدكتور صلاح الصاوي