توسوس له نفسه بأن الله هو السبب فيما يحدث له من ضرر

يا دكتور مسألتي هي وسواس سب الله أعوذ بالله، ماذا أفعل. تعبت وأصبحت لا أدري هل أنا على الإسلام أم لا؟
أنا الحمد لله أصلي ولا أترك فرضًا وأخشى اللهَ، ولكن لا أعرف لماذا في أي موقف يحدث لي تُتَرجم لي نفسي أن الله عز وجل هو السبب، وتدعوني إلى السبِّ والعياذ بالله، ويعلم الله ماذا أفعل حتى لا أتلفظ به، ففي كثير من الأحيان أتفوَّه بأي كلام مرة واحدة بصوت عال كالتسبيح والاستغفار حتى إن من حولي يستغربون مني.
أصبح فمي لا يتوقف عن التمتمة لأني أتمتم لتجَنُّب حدوث وسوسة حتى لا أسمعه في نفسي، لأني لو سمعتها في نفسي سأحس أني قُلتها ويزداد الحزنُ والهمُّ.
ماذا أصنع يا دكتور أخبرني ما الخلاص؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن استعظامك لهذه الوساوس وكراهيتك لها وخوفك منها علامة على صحَّة الاعتقاد وقوة الإيمان؛ فقد جاء ناسٌ من أصحاب النَّبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدُنا أن يتكلَّم به؟ قال: «وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟». قالوا: نعم. قال: «ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ»(1).
قال النووي في شرحه لهذا الحديث: «فقوله صلى الله عليه وسلم: «ذَلِكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ» و«مَحْضُ الْإِيمَانِ»(2) معناه: استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه ومن النطق به، فضلًا عن اعتقاده، إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالًا محققًا وانتفت عنه الريبة والشكوك»(3).
فلا تحزَن يا بُنَي فإن الله تجاوز لهذه الأمة عما حدثت به نفسها ما لم تعمل به أو تتكلم به(4).
أما مجرد الخواطر والوساوس التي يدافعها الشخصُ ويستعظمها فلا تضُرُّه في شيءٍ بإذن الله، فاستمسك بمدافعتك لهذه الوساوس، واطرحها وراءَ ظهرك، ولا يزال لسانُك رطبًا بذكر الله(5).
وتحصَّن بآية الكرسي وبالإخلاص والمعوذتين في صباحك ومسائك، وداوم على أذكار الصبح والمساء.
وأسأل الله أن يمسح عليك بيمنه الشافية وأن يجمع لك بين الأجر والعافية. والله تعالى أعلى وأعلم.

______________
(1) أخرجه مسلم في كتاب «الإيمان» باب «بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها» حديث (132) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(2) أخرجه مسلم في كتاب «الإيمان» باب «بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها» حديث (133) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3) «شرح النووي على صحيح مسلم» (2/ 154).
(4) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الطلاق» باب «الطلاق في الإغلاق والكره والسكران والمجنون» حديث (5269)، ومسلم في كتاب «الإيمان» باب «تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب» حديث (127) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(5) فقد أخرج أحمد في «مسنده» (4/188) حديث (17716)، والترمذي في كتاب «الدعوات» باب «ما جاء في فضل الذكر» حديث (3375) من حديث عبد الله بن بسر رضي الله عنه: أن رجلًا قال: يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثُرت عليَّ فأخبرني بشيء أتشبث به. قال: «لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ الله». وقال الترمذي: «هذا حديث حسن».

تاريخ النشر : 26 مايو, 2025

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend