ما وجه الدلالة من حديث النبي : «وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ الله إِلَّا جَعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ»(1)؟ وهل هذا يتعارض مع الحاكمية ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ﴾ [الأنعام: 57]؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه ابن ماجه في كتاب «الفتن» باب «العقوبات» حديث (4019)، أخرجه الحاكم في «مستدركه» (4/583) حديث (8623) من حديث عبد الله بن عمر ب، وقال الحاكم: «حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه». وذكره الكناني في «مصباح الزجاجة» (4/186) وقال: «هذا حديث صالح للعمل به».
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن قوله تعالى: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ﴾ يعني أن الحجة القاطعة والحكم الأعلى هو الشرع لا غير، فالحلال ما أحلَّه الله ورسوله، والحرام ما حرَّمه الله ورسوله(1)، والدين ما شرعه الله ورسوله.
ولكن تطبيق هذا كله إنما يكون من خلال المؤمنين من عباد الله، وفي مقدمتهم الأنبياء والمرسلون؛ ﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ﴾ [النساء: 105].
والقرآن الكريم ليس له لسان ينطق ولا يد تبطش، وإنما يحكم به المؤمنون، وهذا هو ما احتجَّ به ابن عباس رضي الله عنه على الخوارج الذين كفَّروا عليَّ بن أبي طالب لأنه حكم الرِّجال، ولا حكم إلا لله(2)! فلا تعارض بين الأمرين. والله تعالى أعلى وأعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) فقد أخرج الترمذي في كتاب «اللباس» باب «ما جاء في لبس الفراء» حديث (1726)، وابن ماجه في كتاب «الأطعمة» باب «أكل الجبن والسمن» حديث (3367) من حديث سلمان رضي الله عنه ، قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السمن والجبن والفراء قال: «الْـحَلَالُ مَا أَحَلَّ اللهُ فِي كِتَابِهِ، وَالْـحَرَامُ مَا حَرَّمَ االلهُ فِي كِتَابِهِ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ مِـمَّا عَفَا عَنْهُ»، وحسنه الألباني في «صحيح سنن ابن ماجه» (3367).
(2) أخرجه الحاكم في «مستدركه» (2/146) حديث (2656)، والبيهقي في «الكبرى» (16517) حديث (16517). وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه».
