القول بأن كلَّ من حكم بغير ما أنزل الله يكون كافرًا

القول بأن كلَّ من حكم بغير ما أنزل الله يكون كافرًا، خاصة إذا ظهر من الحاكم معاداته للإسلام، أو عدم أدائه للصلاة (أكثر الحكام العرب لا يرون في صلاة الجمعة، التي لا تصح إلا جماعة).
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فلم يزل أهلُ العلم يفصلون في قضية الحكم بغير ما أنزل الله، ويفرقون بين ما كان من ذلك عن تكذيب للحكم الشرعي أو ردٍّ له، فيكون من جنس الكفر الأكبر، وما كان من ذلك مردُّه إلى الأهواء والشهوات مع بقاء الإقرار بما أنزل الله تصديقًا وقبولًا فذلك الكفرُ الأصغر الذي لا يُخرج من الملة، ولهم في التعبير عن ذلك عباراتٌ مختلفة تنتهي في نهاية المطاف إلى هذا المضمون.
ووجه ذلك أن أصلَ الدين أو الإيمان المجمَل يقوم على ركنين: تصديق الخبر والانقياد للشرع، فمن لم يحصل في قلبه التصديقُ والانقياد لم يثبت له عقد الإسلام، ومن تقرَّر عنده هذا الأصل فما وراء ذلك من الفروع التي تتعلق بالإيمان الواجب، الذي يتفاوت الناس فيه ما بين ظالم لنفسه ومقتصد وسابق بالخيرات بإذن الله، وليس من الإيمان المجمل الذي ينقسم عنده الناس إلى مسلمين وغير مسلمين.
ومعاداة الإسلام تعبيرٌ مجمل، فقد يكون الأمر خصومةً مع الدين ومعاداةً للمتدينين كما يقع من غلاة العلمانيين والذين في قلوبهم مرض، وقد يكون خصومةً سياسية بين طرفين، أحدهما ينتسب إلى التدين، والآخر لا ينتسب إليه؛ فيبدو الأمر على أنه معاداة للإسلام ومحاربة للدين والتدين، وهو لا يخرج في حقيقته عن كونه صراعًا سياسيًّا، خسر فيه أحد الطرفين الجولة، فصور تصرفات خصمه على أنها معاداةٌ للدين ومحاربة للإسلام. وقد يكون الأمر كذلك وقد لا يكون، فينبغي التثبُّت، ولا تجمل العجلة.
ومردُّ الأمر في ذلك إلى أهل الحَلِّ والعقد في جماعة المسلمين، ولا يُترك مثلُ هذا الأمر الجلل لعوامِّهم ودهمائهم.
وترك الجُمع والجماعات لا يُخرج بذاته أصحابَه من الملة، لاسيما إذا كنا نتحدث عن حاكم لا تعرف خارطةَ أعماله وتحركاته اليومية، ولا تستطيعُ الجزم بتركه المطلق للصلاة، فضلًا عن كون قضية تكفير تارك الصلاة في ذاتها من مواضع النظر كما لا يخفى، والصلاة في الجملة مقامةٌ في مجتمعاتنا، سواء من الحاكم أو من وكلائه، فقد وُكل بإقامة الصلوات وإقامةِ الجمع والجماعات وزارةُ الأوقاف، ورُصدت لها الميزانيات، وعُيِّن فيها العمالُ والوعاظ والأئمة ومقيمو الشعائر، فلم تزل المساجد مفتوحةً تستقبل الغاديَ إليها والرائح، ولم تزل الجمع والجماعات فيها مقامةً، على ما يشوب ذلك من عسف وبغي على كثير من أهل الدين وملاحقة لهم. ولكن يعسُر القول بأن الصلاة ليست مقامة في هذه المجتمعات، أو أن المسلمين ليسوا ممكنين من أدائها فرادى وجماعات. والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 24 يناير, 2025
التصنيفات الموضوعية:   05 السياسية الشرعية, 09 نواقض الإيمان.

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend