بعض بلاد الإسلام كلبنان وغيره تقع الخلطة والتعامل فيه بين أهل السنة والنصارى، وجميع الطوائف في كثير من المواطن السياسية والتجارية والاقتصادية وغيرها، وإزاء ضعف الالتزام الديني صار أكثر جمهور أهل السنة يتبادلون التهنئة مع النصارى وغيرهم في سائر الأعياد الإسلامية والنصرانية، ومع الروافض وسائر الطوائف في مناسباتهم البدعية تهنئةً وتعزيةً، ومعلوم حرمة تهنئة النصارى بأعيادهم، وقد نقل الحافظ ابن القيم الإجماع على حرمتها.
لكن السؤال يكمن في الواقع السياسي الذي صارت التهنئة بين جميع الأطراف عُرفًا سياسيًّا واجتماعيًّا؛ بحيث يكمن الحَرَج عند الساسة وكثير من الموظفين التجاريين وغيرهم من أهل السنة في الامتناع عنها في تلك المناسبات، فهل يبيح الحرج أو الضرورة تهنئتهم فيها؟ وما هو ضابط الحرج أو الضرورة فيها؟ أفتونا جزاكم الله كل خير.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فقد نظر مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا في دورة انعقاد مؤتمره السادس بكندا هذه المسألة فيما بحثه تحت عنوان: «نوازل الناشئة خارج ديار الإسلام»، وانتهى فيها إلى هذا القرار الذي أسوقه لك بنصه ولعلك تجد فيه ضالتك أو بعضًا منها.
سابعًا: حول تبادل التهنئة مع غير المسلمين:
الأصل هو البر والقسط في التعامل مع غير المسلمين، ومن ذلك تهنئتهم في الأمور الاجتماعية المشتركة كالزواج أو قدوم المولود ونحوه، أما الأعياد الدينية فالأصل أنها من خصوصيات الملل والنحل، فتبقى مختصة بأهلها، ولا بأس عند رجحان المصلحة من مجاملة بكلمات عامة لا تتضمن انتهاكًا لهذه الخصوصيات، ولا تشتمل على إقرار لهم على دينهم أو رضا بذلك. والله تعالى أعلى وأعلم.