أخ نحسبه على خير ولا نزكي على الله أحدًا مرَّ بظروف صعبة للغاية؛ من مرض شديدٍ وابتلاءٍ في أولاده ونقصٍ في المال، وفي هذه الظروف كان يبدو عليه الحزنُ الشديد، فسألته زوجته عن سبب الحزن فقال لها فيما معناه: أنه يشعر أنه غُرِّر به في الدين، يقصد أن بعض الدعاة قد غرَّرُوا به ليتعمَّق في الدين، أو أنه أخطأ بأن دخل في الدين كثيرًا وتركَ الدنيا أو ما شابه ذلك.
بعد هذا ببضعة أشهر حدث خلافٌ بين الأخ وزوجته، وذهبت الزوجة إلى رجل دين وقصَّت عليه مشاكلَها مع زوجها، كما قالت له العبارة التي قالها لها زوجها من قبلُ، كما قالت أنها تريد الطلاق منه، فقال لها رجل الدين هذا: أنها لا تحتاج أن تطلب الطلاقَ لأنها مطلقة بالفعل؛ لأن زوجك كفر بقوله هذا، ومن ثمَّ فأنت مطلقة بالفعل. هل يجوز تكفيرُ شخص بعينه بكلمة قالها دون أن يُستتاب أو يُشرح له عواقب كلماته؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن منهج معالجة الموقف يحتاج برُمَّته إلى معالجة جذرية، فكان على هذا المفتي أن يستوثق مما نقلته الزوجة؛ فقد تكون تقوَّلت على زوجها، أو زادت في قوله ونقصت، ومن ناحيةٍ أخرى فقد كان عليه أن يَرجِع إلى الزوج ويستمع إليه، لعل له تأويلًا فيما قال يُخرجه عن مناط الكفر الذي توهَّمه، فبادَر إلى الحكم به عليه قبل الاستماع إليه. ومن المعلوم أن من نُسب إليه قولُ مكفِّر فإنه يكون متهمًا بالكفر، ولكن التهمة لا تتحول في حقه إلى إدانةٍ حتى تثبت شروط التكفير وتنتفي موانعه، ولعله قد حدث تقوُّل على هذا المفتي نفسه، فيرجى التثبت والتحري في الموقف برمته. زادكم الله حرصًا وتوفيقًا. والله تعالى أعلى وأعلم.