أنا طالب في جامعة من جامعات أمريكا، ومعي جنسية أمريكية. والحكومة الأمريكية تعطي طلاب الجامعات مساعدات مالية لمن توفَّرت فيهم بعض الشروط، فأنا أريد أن أستغل ذلك، ولكني عندما قدَّمتُ لهم الطلب طلبوا مني المزيد من المستندات والأوراق، ومِن جملة ما طلبوه رسالة من أمي المقيمة في فلسطين؛ يريدون في هذه الرسالة تحديد المبلغ الذي تتقاضاه في عملها ودخلها السنوي.
المشكلة التي تواجهني الآن أن والدتي لو ذكرَتْ لهم المبلغ الحقيقيَّ- الذي ربما يتجاوز النِّصاب الموضوع من قِبَلهم- لرفضوا إعطائي أية مساعدات مالية.
والمشكلة الثانية: أن أمي لو ذكرت لهم المجال الذي تعمل فيه لربَّما أدى ذلك إلى مضايقتهم لي، وربما استجوابي؛ لأنَّها تعمل في دائرة من دوائر السلطة الوطنية الفلسطينية.
و المشكلة الثالثة: أنهم يريدون مني أن أذكر لهم مصادر دخلي كلَّها، وأنا أعمل في محلات، ولا أسجل من هذا العمل شيئًا، يعني للتهرُّب من الضرائب، فإذا قلتُ لهم بأني أعمل في محلات ولا أدفع ضرائب ورطت بذلك إخواني الذين أعمل عندهم ووضعتُهم وتجاراتِهم في خطر.
يُذكر يا شيخنا أني قد ادخرت حتى الآن مبلغًا من المال في حسابي الجاري في البنك وأفضل إنفاق هذا المال في أمور أخرى غير أقساط الجامعة كالحجِّ مثلًا أو الذهاب إلى بلد من بلاد المسلمين لطلب العِلم الشرعي. وبالإضافة إلى ذلك فإن أمي مُصرَّة على أن أسعى من أجل تلقي هذه المساعدة المالية؟
السؤال الأول: هل يجوز لأمي أن تذكر مبلغًا غير المبلغ الذي تتقاضاه حقيقة؟
السؤال الثاني: هل يجوز أن نذكر مكانًا غير المكان الذي تعمل فيه حقيقة؟
السؤال الثالث: هل يجوز أن أنفي عملي الذي أعمله في محلات تجارية؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
الذي يظهر لي من خلال ما أوردته في رسالتك أنه ليس في ظروفك من الاضطرار أو الحاجة الماسة ما يلجئك إلى خرق القواعد الشرعية التي توجب الأمانة والصدق في الحديث والوفاء بالعهود ونحوه من معالم الأخلاق في الشريعة، فلا ننصحك بالدخول في هذه المضايق التي تلجئك إلى سلسلة متواصلة من الأكاذيب يأخذ بعضها بحُجَز بعض، ونذكرك ووالدتك بأن من يستعفِفْ يُعفَّه الله، وأن من ترك شيئًا لله أبدله الله خيرًا منه.
أما بالنسبة لأمك فترفَّق بها في الحديث، وبيِّن لها ما يتضمنه هذا المسلك الذي تحاول حملَك عليه من المغارم والتبعات الدينية والدنيوية.
ونسأل الله عز و جل أن يريَكما الحق حقًّا، وأن يرزقكما اتباعه، اللهم آمين.
والله تعالى أعلى وأعلم.