أريد أن أسأل: هل يمكن لي أن آخذ مساعدات مالية من الحكومة الأمريكية أو ما يسمى «FINANCIAL AID»؛ وذلك بقصد الدراسة؛ لكي أحصل على دبلوم أو شهادة يمكنني بواسطتها العودة إلى بلدي وأشتغل هناك؛ وذلك لأنني يصعب علي العيش في أمريكا لأسباب صحية وأخرى دينية وأخلاقية؟
ولا يخفى عليكم أن هذه المساعدات المالية جزء منها مجاني لا يجب على الطالب استرجاعه، وجزء آخر يعد قرضًا بفائدة يسيرة ويجب سداده حينما يكمل الطالب دراسته ويشتغل.
والمشكلة هنا هي أنه إذا قبلتُ من المساعدات المادية فقط الجزء المجاني، فهو مبلغ بسيط لا يكفي لتغطية تكاليف الدراسة، ويجب عليَّ أن أدفع المبالغ الباقية من مالي الخاص، وأنا لا يمكنني ذلك؛ بسبب دخلي المحدود.
فهل إذا قبلت حتى بالقرض من أجل الدراسة، هل أعد آثمًا؟ وهل إذا حصلت على شهادة أو دبلوم بواسطة هذه المساعدات المالية بجزأيها المجاني والقرض واشتغلت بهذا الدبلوم أو الشهادة هل أعد آثمًا؟ وجزاكم الله خيرًا كثيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فقد نظر مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا هذه القضية في دورة انعقاد مؤتمره السادس في كندا تحت عنوان «نوازل الأسرة المسلمة خارج ديار الإسلام»، وانتهى فيها إلى هذا القرار الذي نسوقه لك بنصه ومنه يُعلَم الجوابُ:
• الأصل هو تحريم القروض الربوية، سواء أكانت قروضًا للطلاب أم لغيرهم، لدخولها في الربا الجلي الذي أجمع أهل العلم سلفًا وخلفًا على تحريمه، وينبغي استفراغ الوُسع في طلب البدائل المشروعة قبل القفز إلى التعلل بالضرورات والحاجات.
• وفي عالم الجامعات في الغرب توجد مِنَح دراسية للنابغين، ولغير القادرين، بالإضافة إلى فرص عمل جزئية تُمَكِّن من الجمع بين الدراسة والعمل، وتقي من الوقوع في هذه القروض، كما قد توجد قروض حسنة تتكفَّل الدولة بدفع فوائدها إذا تمَكَّن الطالب من سداد كل ما عليه خلال ستة أشهرٍ من تخرُّجه، أو منح من بعض الشركات والهيئات مقابل عقود للعمل معها بعد التخرج، فينبغي استفراغ الوسع في ذلك كله.
• إذا انعدمت كل هذه البدائل، وتعينت القروض الربوية سبيلًا وحيدًا لتيسير التعليم الجامعي دوامًا أو ابتداءً، أو سبيلًا لتأمين حاجة الجاليات المسلمة مما لا غنى عنه من الحِرَف والصناعات، عُدَّ ذلك ضرورةً ترفع إثم الربا وإن بقي حكم التحريم، شريطةَ أن يكون الـمُضطر غير باغٍ ولا عادٍ، وذلك بأن تقدر الضرورة بقدرها، مع دوام الحِرص على التماس البدائل المشروعة، والخروج من هذه القروض الربوية عند أول القدرة على ذلك تخفيفًا للفائدة الربوية ما أمكن، ونؤكد على ضرورة الرجوع إلى أهل الفتوى في تقدير هذه الحاجات والضرورات، وأنه لا ينبغي لأحد أن يعول على نفسه في ذلك، أو أن يقيس حاجاته على حاجات الآخرين. والله تعالى أعلى وأعلم.