فضيلة الشَّيخ، سؤالي بخصوص حضور حفلات الزِّفاف، علمًا بما يحدث عندنا في مصر في الأفراح وما يُرتكب من ذنوبٍ ومعاصٍ، كالرَّقْص والغناء، وفي بعض الأحيان تناول المُخدِّرات.
أنا أعلم حكمَ الأشياءِ السالفِ ذِكْرُها، وهي لا تحتاج لسؤالٍ، ولكنني أتعرَّض لمواقف محرجةٍ عندما يَدْعوني أحدُ الأقارب أو الأصدقاء لمثل هذا الأمر ولا أحضر خشيةَ أن أكونَ آثمًا بحضور هذه الأجواء.
وعندما يقوم صاحبُ الدعوة بمعاتبتي أُضطرُّ للكذب، وهو ما يزيد من ضيقي. فهل من مانعٍ للحضور على سبيل المجاملة مع الالتزام بالحدود بعدم القيام بمثل هذه الأشياء كالرقص وغيره ثم الانصراف؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الأصلَ فيمن دُعي إلى وليمةٍ أن يُجيبَ، ومَن لم يُجِبْ فقد عصى أبا القاسم ﷺ، إلا إذا وُجد مانعٌ من تلبيةِ هذه الدعوة، ومن الموانع ما ذكرتَ من وجود مُحرَّمات في مكان الوليمة، كاختلاطٍ فاحش أو رقص وغناء ونحوه.
وما ينبغي لمثلك وأنت الغيورُ على دِينك أن تكذب في الاعتذار، فإذا كان أهلُ العصيان يُجاهرون بمعاصيهم فلِمَ لا يُجاهر أهلُ الطاعة بطاعاتهم ويُعلنون أن سببَ الاعتذار هو ما يصحب هذه الدعوات من مُحرَّماتٍ، بهذا يكون المرءُ قد أبرأ ساحتَه وبلَّغ رسالةَ ربِّه ولو على سبيل الإجمال.
أمَّا إذا كان هناك مُقتضٍ للاعتذار فإنه ينبغي أن يكونَ بالمعاريض، فإن لكم في المعاريض مندوحةً من الكذب(1)، والمعاريضُ أن يقولَ شيئًا يفهمه المستمعُ على وجهٍ ويقصد القائلُ وجهًا آخر.
ونسأل اللهَ أن يرزقنا وإيَّاك الثباتَ على الحقِّ، والعزيمةَ على الرُّشْد. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
_________________
(1) فقد أخرج البيهقي في «شعب الإيمان» (4/203) حديث (4794) عن مطرف بن عبد الله قال: أقبلنا مع عمران بن حصين من البصرة إلى الكوفة فما من غداة الا يناشد فيها الشعر ويذكر فيها أيامَ العرب، وكان يقول: إن في المعاريض مندوحة عن الكذب. وقال البيهقي: «هذا هو الصحيح موقوفًا».